Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التعليم الأساسي والعدالة الاجتماعية في المجتمع المصري :
المؤلف
سيدن، محمود كمال عبدالفتاح.
هيئة الاعداد
باحث / محمود كمال عبدالفتاح سيد
مشرف / شاديـة على قنـاوي
مشرف / حنان محمد حسن سالم
مناقش / سعاد عطا فرج
مناقش / نيره محمد علوان
تاريخ النشر
2023.
عدد الصفحات
444ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علم الاجتماع والعلوم السياسية
تاريخ الإجازة
1/1/2023
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم علم الاجتماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 444

from 444

المستخلص

أولاً ـــ مشكلة الدراسة:
يعتمد تحقيق التنمية المستدامة على فعالية دور الدولة في تقديم الخدمات، ومدى ترسيخها للعدالة الاجتماعية بين المواطنين؛ إذ ينعكس شعور الفرد بالعدالة على اندماجه في المجتمع، ودفع طاقاته وطموحاته لتحقيق المزيد من العمل، أو الإنتاج؛ ومن ثَمَّ المزيد من الارتقاء والرفاهية.
وتتأثر العدالة الاجتماعية بالنظام السياسي للدولة، والأوضاع الاقتصادية؛ إذ شهدت مصر خلال الفترة 1991ـ2010 تغيرات بنائية في نظامها الاقتصادي الاجتماعي بفعل متغيرات داخلية وخارجية، التي أدت إلى تقليص دور الدولة لمصلحة الفاعلين الآخرين في الساحتين الاقتصادية والاجتماعية (القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني).
إنَّ العلاقة بين التعليم والعدالة الاجتماعية في شكلها الظاهر تُعد علاقة جزء بكل، أو خاص بعام؛ بمعنى أنها أحد الحقوق الأساسية للإنسان التي تضمنتها المواثيق والمعاهدات الدولية، التي نصت على ضرورة توفير التعليم لأفراد المجتمع كافة بصورة إلزامية ومجانية. بينما يشير جوهر العلاقة بينهما إلى علاقة تأثير وتأثر متبادلة؛ إذ لا تتحقق العدالة الاجتماعية في مجتمع ما دون تحقيق العدالة في التعليم، ولا يمكن أن تتحقق العدالة في التعليم في ظل غياب سياسات العدالة الاجتماعية الشاملة للمجتمع كله.
ويختلف مضمون السياسات التي تضعها الدول في إطار تصور معين ينشد العدالة الاجتماعية؛ إذ يتشكل مضمون هذه السياسات وفقًا للتوجهات الأيديولوجية التي تعتنقها كل دولة. ويصدق ذلك على سياسات التعليم التي تتبعها الدول، فمع التزام كل دولة بكفالة حق التعليم لكل مواطن، إلا أن كفالة الحق تتأثر فعليًا بما تقرره الدولة من سياسات، وما تعتنقه من معايير ومبادئ تتضمنها تلك السياسات.
وعلى الرغم من تأكيد الدولة بشكل مستمر على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في الحصول على الخدمات التعليمية، فإنَّ الواقع الفعلي يشير إلى غير ذلك؛ إذ أظهرت البيانات الرسمية ارتفاع نسبة المناطق المحرومة من التعليم في الريف (5.6% من إجمالي القرى وتوابعها)، وارتفاع معدلات عدم الالتحاق بالتعليم في الريف عن الحضر (بلغت النسبة 13% في الريف مقارنة بـ4.2% في الحضر للشباب في الفئة العمرية 13ـ35 عامًا)، وبين الإناث عن الذكور (بلغت النسبة 5% للإناث مقابل 3.4% للذكور في الحضر، و18.4% للإناث مقابل 7.7% للذكور في الريف)، وارتفاع معدلات التسرب من التعليم بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية في الريف عن الحضر؛ إذ استحوذ الريف على نسبة 71.7% من إجمالي المتسربين من المرحلة الابتدائية، وعلى نسبة 74.7% من إجمالي المتسربين من المرحلة الإعدادية، وذلك مقارنة بنسبة المتسربين بالحضر، التي بلغت 28.3% بالمرحلة الابتدائية، و25.3% بالمرحلة الإعدادية، كما تزداد معدلات التسرب بين الفقراء مقارنة بالأغنياء.
وأشارت البيانات أيضًا إلى ارتفاع الكثافة الطلابية بالفصول في 43% من المدارس الحكومية؛ إذ بلغ متوسط كثافة الفصل حوالي 55.1 تلميذ/فصل بالمرحلة الابتدائية، 50.3 تلميذ/ فصل بالمرحلة الإعدادية، وانخفاض معدلات الإنفاق الحكومي على التعليم (تراجع الإنفاق من 12% إلى 8.4% خلال الفترة 2010ـ2020)، وارتفاع نسبة الإنفاق السنوي للأسر على التعليم في الحضر عن الريف (بلغت النسبة 7.6% في الحضر مقابل 3.7% في الريف).
وفي ضوء المعطيات السابقة من انخفاض الإنفاق الحكومي على التعليم، وارتفاع عدد المناطق المحرومة من التعليم خاصة في القرى وتوابعها، والكثافات العالية في المدارس والفصول، وتهالك المباني المدرسية، وارتفاع معدلات عدم الالتحاق بالتعليم، وتعدد الفترات الدراسية، وارتفاع معدلات التسرب من التعليم بين الريف والحضر، وبين الفقراء والأغنياء لصالح المتغير الأخير؛ استلفت انتباه الباحث عدم وجود دراسات أكاديمية متخصصة في مجال علم الاجتماع تتناول قضية العدالة الاجتماعية في مرحلة التعليم الأساسي؛ الأمر الذي دفع الباحث لتناول هذه القضية بالدراسة والتحليل.
ثانيًا ـــ أهداف الدراسة:
تسعى الدراسة الراهنة إلى الإجابة عن التساؤلات الآتية:
1ـ ما انعكاسات التحولات البنائية في المجتمع المصري على السياسة التعليمية؟
2ـ ما السياسات المتبعة لتحقيق العدالة الاجتماعية في التعليم الأساسي؟
3ـ ما ملامح تحقق العدالة الاجتماعية في التعليم الأساسي؟
4ـ هل هناك فروق في تحقيق العدالة الاجتماعية في التعليم الأساسي بين الريف والحضر؟
5ـ ما ملامح التباين بين الريف والحضر في التعليم الأساسي؟
6ـ هل يتم تفعيل السياسات التي تبنتها الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية في التعليم الأساسي؟
ثالثًا ـــ الإجراءات المنهجية للدراسة:
لكي تحقق الدراسة هدفها في الإجابة عن التساؤلات التي طرحتها؛ فقد استخدم الباحث بعض الأساليب البحثية التي تمثلت في الأسلوب الوصفي، والأسلوب التاريخي، والأسلوب المقارن. كما اعتمدت الدراسة الراهنة على بعض أدوات جمع البيانات، التي تنحصر في الملاحظة (المباشرة المحددة، وغير المباشرة)، والمقابلة، وتحليل المضمون، والإحصاء (السجلات الإحصائية).
وقد استقى الباحث بيانات بحثه من بعض المصادر، وهي:
1ـ مصادر بشرية: تتمثل في كل من أعضاء الإدارة المدرسية (المديرين، والوكلاء)، المُعلمين، والأخصائيين (الاجتماعي، والنفسي).
2ـ مصادر مادية: تتمثل في مدرستين للتعليم الأساسي في حضر وريف مركز صِدفا، محافظة أسيوط.
3ـ مصادر رسمية موثقة: تمثلت في الدراسات، والتقارير، والتشريعات، والدساتير، والمواثيق الدولية والمحلية، والخطط التنموية والتعليمية.
ولقد فرضت طبيعة جمهور البحث استخدام أسلوب العينة العمدية، وقد اختار الباحث محافظة أسيوط لتطبيق الدراسة الميدانية.
رابعًا ـــ نتائج الدراسة:
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من أبرزها:
1ـ إن التغيرات البنائية التي شهدتها مصر، وانتهاج الدولة توجهًا رأسماليًا في التنمية؛ كان لها انعكاساتها السلبية على جوانب الحياة المختلفة، ومنها التعليم؛ إذ تأثرت السياسة التعليمية بهذه التحولات؛ إذ انخفض الإنفاق العام على التعليم؛ مما أدى إلى عدم قدرة الدولة على بناء مدارس جديدة وتجهيزها وصيانتها، وأسهم في ارتفاع كثافة الطلاب بالفصول، وتعدد الفترات الدراسية، وتدني جودة التعليم الحكومي؛ ومن ثمَّ انتشار الدروس الخصوصية كبديل عن المدرسة، وارتفاع تكلفة التعليم، الأمر الذي أسهم في ارتفاع معدلات عدم الالتحاق بالتعليم، والتسرب منه، بالإضافة إلى انتشار التعليم الخاص وزيادة الإقبال عليه؛ ومن ثمَّ تعدد نظم التعليم.
2ـ أظهرت الدراسة ـ بشقيها النظري والميداني ـ أنه على الرغم من تبني الدولة المصرية سياسات متعددة لتحقيق العدالة الاجتماعية في التعليم؛ فإن هناك تناقضًا بين هذه السياسات المُعلنة وبين تطبيقها في الواقع الفعلي، الأمر الذي يشير إلى تخلي الدولة عن مسئولياتها تجاه التعليم، والتحرر من التزاماتها الاجتماعية المنصوص عليها في السياسات التي تبنتها.
3ـ أظهرت الدراسة أنه على الرغم من ارتفاع معدلات القيد الإجمالي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية في السنوات الأخيرة؛ فإن هذه النسبة متأرجحة بين الزيادة والنقصان، ومتفاوتة حسب الجنس ومحل الإقامة، ولم تصل الدولة إلى تحقيق الاستيعاب الكامل لكل الأطفال في سن الإلزام.
4ـ أوضحت الدراسة الميدانية عدم تحقق تكافؤ الفرص بين الطلاب عند الالتحاق بالمدارس؛ وذلك لوجود ثغرات في طريقة التقديم الإلكترونية، وفي التوزيع الجغرافي للطلاب على المدارس، وتتمثل في لجوء بعض أولياء الأمور إلى بعض الممارسات الفاسدة (مثل: الوساطة والمحسوبية، والرشوة، ودفع تبرعات للمدرسة)؛ لقبول التحاق أبنائهم بالمدرسة التي يرغبون فيها.
5ـ انخفاض الإنفاق العام على التعليم في مصر عن نسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي التي قررها الدستور المصري لعام 2014، بالإضافة إلى عدم مراعاة معايير الكفاءة، والعدالة عند توزيع الإنفاق على التعليم.
6ـ ارتفاع نسبة الإنفاق السنوي للأسر على التعليم، وتزداد النسبة بين الأسر في الحضر عن الريف.
7ـ انخفاض عدد المدارس المجهزة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة، وضعف التجهيزات والخدمات المتوفرة لطلاب الدمج بالمدارس المتاحة، وافتقار فريق الدمج إلى الخبرة في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم حصولهم على دورات تدريبية عن كيفية التعامل معهم.
8ـ عدم تمتع معظم الأطفال في سن 4ـ5 سنوات بحقهم في التعليم المبكر (مرحلة رياض الأطفال). وتنخفض معدلات الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال بين الأسر الفقيرة مقارنة بالأسر الغنية، كما تنخفض معدلات الالتحاق في الريف عن الحضر؛
9ـ هناك قصور واضح في إشراف الدولة على المدارس الخاصة والدولية.
10ـ عدم التكافؤ في توزيع الخدمات التعليمية (المدارس) وفقًا لمتغيري الإقليم الجغرافي (بين المحافظات، أو الريف والحضر)، والمرحلة التعليمية؛ إذ ترتفع نسبة المناطق المحرومة من التعليم في مصر، والتي بلغت نسبتها 5.6% من إجمالي القرى وتوابعها.
11ـ تعاني المدارس الحكومية من نقص عمليات الصيانة (المباني والأجهزة)، وسوء حالة المرافق، وضعف التجهيزات، وتفاوتها بين الريف والحضر، وارتفاع الكثافة الطلابية بالفصول، وتعدد الفترات الدراسية، وغياب الأنشطة المدرسية وعدم تفعليها.
12ـ هناك عجز في عدد المُعلمين، وسوء توزيعهم بين الحضر والريف لصالح الحضر. بالإضافة إلى ضعف عملية تدريب المُعلمين.
13ـ ارتفاع نسبة طلاب مرحلة التعليم الأساسي الذين يتلقون دروسًا خصوصية، وضعف إقبال المُعلمين والطلاب على الاشتراك في مجموعات التقوية.
14ـ عدم توفر اشتراطات البيئة الصحية الآمنة بشكل مناسب في المدارس، ومن مظاهر ذلك: قلة توافر العيادات الطبية داخل المدارس، وعدم تنظيم ندوات توعية صحية وبيئية للتلاميذ بصورة منتظمة، وتدني مستوى النظافة، وعدم توزيع التغذية المدرسية طوال أيام العام الدراسي.
15ـ عدم استيفاء المباني المدرسية لمواصفات الأمان والسلامة المطلوبة.
16ـ إن العـدالة في التعليم لا يمـكن أن تتحقق في ظل عدم التـكافؤ في الظروف الاقتصادية والاجتماعية بين المواطنين.