Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
النظام العام الحمائى وتطبيقاته
في قانون العمل :
المؤلف
عثمان، رشا محمد عبد الرحيم.
هيئة الاعداد
باحث / رشا محمد عبد الرحيم عثمان
مشرف / السيد عيد نايل
مشرف / عزت عبد المحسن إبراهيم
مناقش / خالد حمدي عبد الرحمن
الموضوع
قانون العمل.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
480ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسـم القانون المدني
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 291

from 291

المستخلص

الملخص
يُعد قانون العمل انعكاسًا للتغيرات الواردة على علاقات العمل، فبعد مرحلة النظام التعاقدي التي ساد فيها مبدأ «العقد شريعة المتعاقدين» ليقرر حق الطرفين في الوفاء بالتزاماتهم وَفقًا لمشيئتهم، والذي أدى مؤقتًا لانسحاب الدولة من تنظيم هذه العلاقات، تاركة المجال لأطرافها لتنظيمها بإرادتهم، إلا فيما يتعلق بمسائل النظام العام حمايةً للعامل، انتبهت أغلب التشريعات إلى ضرورة تدخل الدولة لاحترام الاتفاقيات، وللضغط على أنصار النزعة الفردية، والاتجاه نحو إعطاء الدولة حقًا متزايدًا على عقود العمل ابتداء من نشأتها وحتى تنفيذها.
وحيث يتميز عقد العمل بصفتين أساسيتين هما التبعية والأجر فإنه بتوافرهما تقوم علاقة العمل، وإذ كان عنصر التبعية يتمثل في خضوع العامل لإشراف صاحب العمل ورقابته وفي المقابل يحصل العامل على الأجر، فإن الأجر هو العنصر الثاني المميز لعقد العمل، ويُعتبر عنصرًا جوهريًّا لا يقوم عقد العمل بدونه، فلا يوجد عقد عمل بدون أجر، فعقد العمل من عقود المعاوضة، يجب أن يكون هناك مقابل ما، يتحصل عليه العامل مقابل العمل الذي يقوم به. فصاحب العمل يعطي الأجر للعامل مقابل العمل الذي يحصل عليه. أما إذا لم يكن هناك أجر مقابل ما يقوم به العامل من عمل كما لو أن صاحب العمل والعامل متفقان على أن يكون العمل مجانًا دون أجر فإن هذه العلاقة الناشئة لا تُعتبر علاقة عمل، ولكنها تكون عقد تبرع أو عقد خِدْمات مجانية، فالأجر هو الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتَق صاحب العمل، ويُعتبر هو سبب التزام العامل بأداء عمله.
وكما أُبرم عقد العمل باتفاق أطرافه وتحت مظلة حمائية من القواعد العامة وقواعد قانون العمل، كذلك يجوز أن ينقضي بإرادة أطرافه، وذلك إما بتنفيذ الالتزام المتفق عليه أو باتخاذ أحدهما إجراءً فرديًّا للإنهاء. وحيث إن عقد العمل يُعد من العقود الزمنية التي يمثل فيها الزمن عنصرًا جوهريًّا بحيث يلتزم العامل من خلاله بتقديم خِدْماته خلال مدة محددة أو غير محددة مقابل أجر يقع الاتفاق عليه بين الطرفين.
فإن كان عقد العمل من عقود المدة فإنه ليس بعقد أبدي ولو كان غير محدد المدة إذ يمكن أن ينتهي بإرادة أي من أطرافه وفي أي وقت، بل ويُعتبر حق العامل على الخصوص في إنهاء عقد العمل بإرادته المنفردة من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على حرمانه من هذا الحق، وأي اتفاق يتضمن خلاف ذلك يُعد باطلًا بطلانًا مطلقًا.
وعلى الرغم من ذلك فإن ضرورة استقرار علاقة العمل بالنسبة لكل من الطرفين حتمت على أغلب التشريعات - ومن بينها المُشرِّع المصري - أن يوازن بين الحق في الإنهاء وتجنيب الطرف الآخر الضرر الذي سيصيبه من جراء استعمال هذا الحق، ولذلك كان لزامًا عليه تحديد قيود شكلية وموضوعية لتحقيق هذا التوازن، لعل أهمها الإخطار بالإنهاء خلال مدة معينة تسبق الإنهاء الفعلى.
وقد يقع الإنهاء في العقود غير محددة المدة بدون مبرر كما في الفصل التعسفي أو أن يكون الإنهاء لأسباب خارجة عن إرادة الطرفين كما في استحالة التنفيذ للقوة القاهرة أو لحادث مفاجئ، وفي كل الأحوال يكون لقاضي الموضوع السلطة التقديرية في تحديد طبيعة الإنهاء وتقدير الظروف والملابسات المحيطة بالإنهاء، ولا تنحصر سلطة القاضي في تقدير تلك الملابسات أو في أسباب التعسف فقط، وإنما تمتد لتشمل تقدير التعويض النقدي والعيني.
كما ساهم فقه القضاء في تكريس الطابع الحمائي في عقد العمل لحماية الطرف الضعيف من خلال تيسير قواعد الإثبات على العامل؛ حيث أجاز له الإثبات بكافة الطرق.
ولقد نظم المُشرِّع الوضعي المصري المسائل المتعلقة بالعمل في القانون المدني في الفصل الثاني من الباب الثالث الخاص بالعقود الواردة على العمل، وذلك في المواد من (674 إلى 698). وكذلك نظمها في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003م والذي حل محل قانون العمل رقم 137 لسنة 1981م (المُلغى)، والخاص بعلاقات العمل الفردي والجماعي.
ولما كان القانون المدني هو التشريع الأصلي الذي يتضمن القواعد العامة التي تنطبق على كافة روابط القانون الخاص بما في ذلك العلاقات الناشئة عن العمل - فإن قواعده تُعتبر هي الأساس، وتسري على جميع عقود العمل إلا ما تعارض منها صراحة أو ضمنًا مع تشريعات العمل؛ لذلك فقد نصت المادة (675) من القانون المدني على أنه ”لا تسري الأحكام الواردة في هذا الفصل إلا بالقدر الذي لا تتعارض فيه صراحة أو ضمنًا مع التشريعات الخاصة التي تتعلق بالعمل”.
وبالإضافة لعقود العمل الفردية فهناك أيضًا عقود العمل الجماعية، التي تتميز بدورها البارز في تنظيم شروط العمل الجماعية منها والفردية، فهي الوسيلة التي يتم من خلالها تنظيم مختلف جوانب العلاقة المهنية لما تفرضه من امتيازات وشروط أفضل في عدة نواحٍ، نتيجة للمركز القانوني الذي تتمتع به منظمات العمل في مواجهة أصحاب العمل.
وقد برزت أهمية علاقات العمل الجماعية، ببروز أهمية التنظيم النقابي؛ إذ أن المشاركة العمالية في تنظيم وتحديد ظروف العمل وشروطه على كافة المستويات بإبرام اتفاقيات عمل جماعية مع المستخدم، والسهر على تطبيقها والتدخل في التفاوض لحل الخلافات بشأن تنفيذها، يجعل من الشروط التي يمكن للعامل أن يتحصل عليها أفضل من تلك التي يتحصل عليها لو تعاقد منفردًا، ومن هنا ظهرت فكرة التوسع في مجال إبرام علاقات عمل جماعية بدلًا من الفردية بِناء على اتفاق بين ممثلي العمال أو النقابات أو عن طريق المستخدم الذي يهتم بتنظيم شروط تشغيل العمال وظروف عملهم عن طريق التعاقد.
ولا شك أن قوانين العمل قد أوجدت الحلول التي يستطيع العامل من خلالها الحصول على حقه من جراء تعسف رب العمل معه، أو عدم أدائه لالتزاماته؛ لذا فقد نظمت أغلب التشريعات طرق حماية العامل الموضوعية والإجرائية، وأقرت بحقه في التعويض النقدي أو العيني أو كليهما معًا إذا اقتضت الظروف والملابسات ذلك، ووَفقًا للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
حيث يُقصد بالحماية الإجرائية اتباع الإجراءات التي تنص عليها القواعد والتشريعات والتي من شأنها أن تحقق حماية العامل قانونيًّا في مواجهة صاحب العمل، والمحافظة على حقوقه، وَفقًا للاتفاق التعاقدي المبرم بينهم، كما أن من شأنها فرض قيود على رب العمل تلزمه بعدم اتخاذ أية قرارات تعسفية ضد العامل، فقد ألزم القانون صاحب العمل بضرورة الإفصاح عن أسباب الفصل، وإذا أثبت العامل عدم صحة السبب الذي يستند إليه صاحب العمل في تبرير فصله فإن ذلك يُعد دليلًا كافيًا على التعسف؛ حيث إنه يرجح ادعاء العامل بأن فصله كان بغير مبرر، وللمحكمة أن تقدر مدى كفاية السبب وجدية المبرر الذي استند إليه صاحب العمل لفصل العامل فإن رأت أنه لا ينهض مبررًا كافيًا لفصل العامل فلا حاجة بعد ذلك لتكليف العامل بإثبات تعسف صاحب العمل؛ إذ أن عدم كفاية المبرر تستوي مع انعدامه.
ولقد أقرت كافة التشريعات الطرق الإجرائية الحمائية الواجب اتباعها لحماية الطرف الضعيف في المنازعات العمالية، وبدت مظاهر هذه الحماية تتضح عندما خصصت دوائر خاصة عمالية لنظر المنازعات بين العامل ورب العمل، مرورًا بتيسير إجراءات التقاضي، وإعفاء العامل من دفع الرسوم القضائية في الدعوى العمالية التي يقيمها العامل، بالإضافة إلى أن المُشرِّع قد حدد مهلة زمنية للفصل في الدعوى العمالية، وأوجب نظرها على وجه السرعة.
وبذلك نجد أن أغلب تشريعات العمل الدولية قد تدخلت لحماية العامل من جور وتعسف صاحب العمل عن طريق تنظيم قواعد حمائية تتفق مع النظام العام، وتحقق الغاية منها في حماية العامل باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية.