Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الدور السياسي والحضاري للأحناف فى مصر فى العصر المملوكي :
المؤلف
مغاوري، محمد محمد.
هيئة الاعداد
باحث / محمد محمد مغاوري
مشرف / آمال محمد حسن
مشرف / صفى على محمد
مشرف / شيرين شلبى العشماوي
الموضوع
العصر المملوكى.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
174ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قســــم التــــــاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 178

from 178

المستخلص

ملخص الرسالة باللغة العربية
انتشر المذهب الحنفي في مصر قبل العصر المملوكي بفضل الهجرات الحنفية التي استقبلتها مصر بعد سقوط بغداد وقرطبة، واعتنقه كثير من الأعيان والعامة، أما في العصر المملوكي فقد كان للأحناف مكانة مرموقة، خاصة بعد تقسيم القضاء إلى المذاهب الأربعة، فبات لهم قضاة ونواب يحضرون مجالس الشورى ويحصلون على امتيازات مختلفة ويأتون في المرتبة الثانية بعد قضاة الشافعية، ونال الأحناف رعاية الأمراء والسلاطين فقربوهم واستشاروهم.
باشر الأمراء والفقهاء الأحناف في مصر خلال عصر المماليك كثيرًا من الوظائف العسكرية، فكان منهم من وصل إلى مرتبة نائب السلطان القائم مقامه، كما كان منهم من تولى نيابة الغيبة، وقيادة الجيش، وولاية بعض الولايات، والإستدارية، ومن ترقى إلى رأس نوبة الجمدارية أو ناب في القلعة.
وصلت عدد ولايات قضاة القضاة الأحناف في مصر خلال عصر المماليك إلى إحدى وخمسين ولاية، هذا إلى جانب نوابهم الذين تراوح عددهم بين أربعة وعشرة نواب في كل ولاية، بالإضافة إلى قضاة العسكر، وقد سيطر هؤلاء القضاة على كثير من مفاصل الدولة المملوكية، وقد تنوعت طرق اختيار قاضي قضاتهم، فتمت عن طريق العلاقات الودية مع السلاطين أحيانًا، وبرغبة الأحناف حينا، وعن طريق البذل والبرطلة أحيانا.
لم تقتصر وظائف الأحناف في الدولة المملوكية بمصر على القضاء، فقد تولى كثيرون منهم الحسبة، كما باشر بعضهم نظارة بعض الأعمال في الدولة كالجوالي والأحباس والكسوة، وكان صدر الدين العجمي وبدر الدين العيني أشهر محتسبي الأحناف في الدولة المملوكية، كما أن أمراء الأحناف وفقهاؤهم في مصر خلال عصر المماليك باشروا بعض الوظائف الديوانية، وأثبت بعضهم كفاءة فيها، فأسندت إلى بعضهم الوزارة، كما أسند لبعضهم كتابة السر، وباشر بعضهم نظارة الجيش، وبعضهم نظر الإسطبلات.
تمثل دور الأحناف السياسي تجاه الخلفاء في بيعتهم فكانوا شهودًا هذه البيعة مع غيرهم من القضاة، وشهودًا صحة نسبهم، ورحبوا بإحياء الخلافة العباسية، أما دورهم تجاه السلاطين المماليك فتمثل في دعم شرعية حكمهم وفي المشاركة في تنصيبهم، ونصرة الأقوياء العادلين منهم، والدفاع عنهم ضد الطامعين في ملكهم، وفي المقابل التنديد بالعاجزين منهم من صغار السن الذين كانوا ألعوبة في يد أمراء من خلفهم ولا يستطيعون حفظ البلاد من أعدائها، بالإضافة إلى محاربة الظالمين منهم والعمل على عزلهم من سلطتهم وتولية الصالحين.
لم يقتصر دور الأحناف السياسي على موقفهم من الخلفاء والسلاطين ومواجهة النزاعات الداخلية، بل كان لهم دورهم البارز في مواجهة الأخطار الخارجية المتعددة التي حاقت بالدولة المملوكية، فقد أرشدوا السلاطين بآرائهم في مواجهة تلك الأخطار، وحملوا عنهم الرسائل إلى ملوك الدول المعادية في وقت الأزمات، كما شاركوا في المعارك التي خاضتها الدولة المملوكية بأنفسهم، سواء في دولة المماليك البحرية أو في دولة المماليك البرجية، وكان الأمير الحنفي بيبرس المنصوري أكثر الأحناف مشاركة في الحروب ضد أعداء الدولة، حيث شارك في حروب المماليك ضد الصليبيين، وفي حروبهم ضد التتار، وفي حروبهم ضد القبارصة، وشهد انتصارات الدولة المملوكية على هؤلاء الأعداء، بل كان هو نفسه قائدا لإحدى هذه المعارك، وكان النصر حليفه.
شارك الأحناف في مصر خلال عصر سلاطين المماليك في النشاطين الاقتصادي والاجتماعي، وكان منهم من انتعش حاله بأموال الإقطاعات والهبات والعطايا والأوقاف، ومنهم من آثر حياة الزهد، كما شاركوا في الاحتفالات المصرية المختلفة كالأعياد والمولد النبوي والمحمل والفيضان وغيرها من المناسبات الاجتماعية التي احتُفل بها خلال عصر سلاطين المماليك.
لعب الأحناف دورا اقتصاديا مهمًّا في مصر خلال عصر سلاطين المماليك، إذ كان لكثير منهم مواقفه الرافضة لزيادة الضرائب على المصريين، ووقفوا في مواجهة سلاطين المماليك ومنعوا بعضهم من أخذ أموال التجار والعامة بلا وجه حق، كما منع كثير منهم استيلاء سلاطين المماليك على ممتلكات بيت المال، وكان دورهم الأكبر في الوقوف في وجه السلاطين الذين أرادوا الاستيلاء على أموال الأوقاف بالغصب أو الحل أو الإبدال، وكان لموقفهم هذا أثره الكبير في المحافظة على الأوقاف التي تحملت في كثير من الأوقات الإنفاق على الرعية بدلا من الدولة.
كان للأحناف دورا فاعلًا في المشكلات الاجتماعية التي واجهت الدولة والمجتمع في مصر خلال عصر سلاطين المماليك، فقد وعظوا السلاطين والأمراء المماليك والعامة حين رأوا إقدامهم على فعل المنكر، ووقفوا في وجه من ارتكب من السلاطين والأمراء مخالفات شرعية، كما حاربوا البدع التي ظهرت بين المصريين، وكان لمحتسبيهم دور بارز في ذلك، بالإضافة إلى أن قضاتهم ردوا المظالم إلى أهلها، وخاصة إن كانت هذه المظالم عند أحد السلاطين أو الأمراء، وأنصفوا أهل الذمة وحفظوا لهم بيوت عبادتهم من طمع السلاطين، لكنهم حين رأوا تفاخر أهل الذمة على المسلمين وقفوا لهم بالمرصاد وتابعوا انضباطهم والتزامهم بالسلوكيات والآداب العامة.
لم يكن الأحناف في مصر خلال عصر المماليك كلهم ذوي توجهات إصلاحية، وإنما كان منهم من انصاع لأهواء السلاطين فأفتوهم بما أرادوا حفاظًا على وظيفة أو كسبا لمكانة، كما أن منهم من صدر عنه فتاوى شاذة انعكست على المجتمع المصري بالسلب كفتاوى عدم حرمة الحشيش والخمور، بالإضافة إلى مواقف بعضهم المتشددة من أهل الذمة وعدم التعامل معهم.
اسهم الأحناف إسهامات مختلفة في نشاط الحركة العلمية في مصر في العصر المملوكي، فبنوا المراكز العلمية، كما ألفوا في العلوم الدينية واللغوية والأدبية والطبيعية، بالإضافة إلى عنايتهم الخاصة بالتاريخ، كما أكثروا من بناء المدارس والخانقاوات والمكتبات، ورعوا ما بنوا من أموالهم الخاصة وبما أوقفوا عليه من أوقاف، بالإضافة إلى دور علمائهم التدريسي في هذه المراكز وفي غيرها من المراكز التي بناها غير الأحناف ولم تخصص لمذهبهم، وكان لذلك كله أثره الذي انعكس على نشاط الحركة العلمية في مصر في العصر المملوكي.
تعددت مؤلفات الأحناف في مصر خلال عصر المماليك وشملت فروعا مختلفة من العلوم، فكان لهم مؤلفاتهم في الفقه وأصوله والتفسير والحديث، كما كان منهم الشعراء الذين ألفوا الدواوين، والنحاة البارعون، بالإضافة إلى الأدباء والنقاد الذين ألفوا كتبا نقدية، إلى جانب من نبغوا منهم في المنطق والطب وكان لهم مؤلفاتهم فيهما، كما نبغ منهم كثير من المؤرخين الذين ألفوا في الحوليات والطبقات، فتركوا لنا مكتبة تاريخية ضخمة باتت مصادر أساسية للتاريخ لكل من جاء بعدهم، كما رسمت ملامح المدرسة المصرية في كتابة التاريخ.