Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أدب السياسة فى بلاد المغرب فى القرنين الثامن والتاسع الهجريين الرابع عشر والخامس عشر الميلادى( ابن الأزرق أنموذجاً)/
المؤلف
الرشيدى, نشوى أنور السيد.
هيئة الاعداد
باحث / شوى أنور السيد الرشيدى
مشرف / محمود إسماعيل عبد الرازق
مشرف / آمال محمد حسن
مشرف / صفى على محمد
الموضوع
التاريخ الإسلامي.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
248 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 248

from 248

المستخلص

إن ظهور الكتابة فى أدب السياسة فى بلاد المغرب ، له عوامله وأسبابه التى ساعدت على ظهوره ثم تطورت الكتابه فيه ، فقد تعددت الأسباب والعوامل التى دفعت نخبة من الكتاب للتألف فى هذا الفن ، وكان من أهمها : ما كان عليه بعض حكام المغرب وأمرائهم من ظلم وجور لرعيتهم ، حيث انعكست حياة الترف التى كان عليها هؤلاء الحكام ، على الأخلاق السياسية للدولة تجاه رعيتها ، وهو ما تجلى فى الظلم والإستبداد الذى يخيل إلينا أنه كان من أهم العوامل المؤدية إلى سقوط الأسرات والدول المتعاقبة فى بلاد المغرب ؛ وفى الوقت نفسه كتب بعضهم لأهداف آخرى ومنها التودد إلى بعض الحكام ومحاباتهم .
كما كانت الرحلة إلى المشرق ، سواء بهدف الحج ، أو تلقى العلم على يد علماء المشرق ، أو العمل كسفراء لبعض الحكام والأمراء لطلب المساعدة من حكام مصر؛ من أهم الأسباب ــ أيضاً ــ التى ساعدت على ظهور أدب السياسة فى بلاد المغرب .
لم يقتصر التأليف فى أدب السياسة على الكتاب من محررى الرسائل أو نقلتها ، ولا من موظفى الديوان ذوى التكوين الإدارى ؛ فقد تعددت خلفيات تكوينهم ، وموقفهم السياسى ، رغم الوحدة الناظمة لنصوصهم ، والهدف المحدد لنمط كتاباتهم ، حيث أن الكثير من هذه النصوص ألفها ، مؤرخون ، وقضاه ، وفقهاء ، وفلاسفة ، كما أنجز بعضها أدباء ووزراء ، وملوك .
كما يمكننا القول أن المجتمع المغربى ، قيادة ورعية ، نخرته مفاتن الحضارة بكل مساوئها الأخلاقية ، فلم يقف منها موقف المقاوم ، ولم تكن الأصوات المنادية بالتصحيح تمثل سوى أقليه ليس لها نفوذ أو صوت مسموع ، مما جعل المجتمع المغربى ينجرف فى تيار الميوعة والفساد الأخلاقى .
ويمكننا القول أن المفكرين المسلمين فى الشق الغربى من العالم الإسلامى ، كانوا دائماً على وعى عميق بواقع أمور دولهم ، ولم يألوا جهداً فى التنبيه على ما يكفل السياسة الصالحة ، وما ينبغى أن تقوم عليه العلاقات بين السلطان والرعية ؛ غير أن أغلب الحكام رغم من سعة ثقافة الكثيرين منهم ومن رعايتهم لرجال الفكر لم يحاولوا أن يستفيدوا مما كتبه هؤلاء العلماء .
تعددت موضوعات الكتابة فى أدب السياسة واشتملت على ثلاثة أنواع وهى : السياسة الشرعية وكتب النصائح والمواعظ والفلسفة السياسية ؛ أما النوع الأول من أدب السياسة وهو السياسة الشرعية فكان المقصد العام منه هو المحافظة على المصالح القائمة وتكميلها وإزالة المفاسد الموجودة أو تقليلها ، وتحصيل ما يمكن تحصيله من المصالح المرجوة وتكثيرها ، ودفع ما يمكن دفعه من المفاسد المتوقعة ، وذلك فى مسائل الدين والدنيا جميعاً ، وذلك بالإعتراف بالخلافة الإسلامية وتعزيزها من خلال تطبيق الشريعة.
تزعم الفقهاء أيضًا الكتابة فى موضوعات السياسة الشرعية ؛ حيث برز دور الفقيه للتوفيق بين نظام الخلافة وبين الحكومات المتغلبة ، حيث تُضفى الخلافة الشرعية على تلك الحكومات ، كما طمح الفقهاء إلى تحقيق كيانات كبرى تكون نواة لإحياء الوحدة الشاملة .
أما عن النوع الثانى من موضوعات أدب السياسة وهو كتب النصح والمواعظ ؛ فقد كان الأكثر إنتشارًا واستخدامًا ، حيث كثرت المؤلفات فى هذا النوع خاصةً فى القرنين الثامن والتاسع الهجريين / الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين ، نظرًا لتولى الحكم عناصر من البدو الزناتية فى المغرب وكانوا عديمى الدربة بالسياسة وفنونها ، فكلفوا لذلك كُتابهم بإعداد هذه الكتب ؛ وألفها بعضهم أيضاً لتثقيف من يخلفونهم فى السلطة ؛ أيضاً اشتملت عناوين أغلب هذه الكتب على مصطلحات الملوك والسلاطين والأمراء كدليل على خفوت مفهوم الخلافة وطغيان النظم القائمة على العصبية والشوكة ؛ كما اهتم هذا النوع من أدب السياسة بالحرص على توجيه النصح والإرشاد للحكام بالإهتمام برجال الدواوين وأمراء النواحى وقادة الجند وإختيارهم من ذوى الولاء والتجربة نظراً لخطورتهم فى تدبير الانقلابات على الحكم القائم .
استهدف النوع الثالث من أدب السياسة ” الفلسفة السياسة” ؛ تقديم نماذج مثالية للدول أو مدن فاضلة ، وإن لم تصل إلى تصورات الفلاسفة المشارقة من أمثال الفارابى والكندى وابن سينا ؛ كما عرضت مسألة الإمامة سالكة نفس ما قيل بصددها عند كتاب الفرق فى العصور السابقة ؛ لذلك لم تفد هذه المؤلفات من وقائع التاريخ مما وقع بالفعل ، لذلك فهى لا تُعد تاريخية ، وإذا قدر لبعضها الإستشهاد بالتاريخ أحياناً فقد كانت إفادتها من علم أصول الفقه أكثر وأكبر حيث اتبغت منهجه واستخدمت مصطلحاته .
تعددت المرجعية التاريخية لدى مؤلفى أدب السياسية ، المرجعية الدينية ، والمرجعية الفارسية واليونانية ، والمرجعية المركبة الجامعة والتى تحوى المرجعية العربية الإسلامية بالإضافة إلى المرجعيات السابقة ، فعلى الرغم من تنوع المصادر التى اعتمدت في متون نصوص الآداب السياسية ، وتنوع التجارب التاريخية التى تضمنتها المرويات والحوادث التاريخية فيها ، فقد تبينا أن مرجعيات ثلاثاً شكلت الخلفية المهيمنة على مختلف نصوص هذه الآداب خلال مراحل تبلورها التاريخى ، منذ الكتابات الأولى المؤسسة لكل من عبد الحميد الكاتب وابن المقفع ، إلى كتايات المتأخرين الذين اكتفوا بإنجاز مؤلفاتهم بروح تقليدية .
هيمنة المرجعية الفارسية وغلبتها على مجمل الإنتاج السياسى فى هذا المجال ، إضافة إلى خصوصية المرجعية اليونانية المتمثلة فى الآثار المنحولة والملتبسة ، والتقارب الذى حصل فى طبيعة هذه الآثار وجعلها نسخة مشابهة فى كثير من معطياتها للمرجعية الفارسية .
بدأ الاعتماد على المرجعية الدينية والمرجعية العربية الإسلامية على حساب المرجعية الفارسية واليونانية ، فى المؤلفات المتأخرة ، بداية من القرن السابع الهجرى / الثالث عشر الميلادى ، وإن لم يختفِ الاعتماد على المرجعيات الأجنبية ، بل قل الاعتماد عليها مقارنة بالقرون الأولى .
لم يقتصر أيضًا اعتماد المؤرخين المغاربة فى القرنين الثامن والتاسع الهجريين / الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين ، على الكتابات المغربية فقط ، بل شملت المؤلفات المشرقية ، وفى بعض الأحيان كان الاعتماد على المؤلفات المشرقية هو الغالب والمسيطر على تلك الكتابات .
تعددت أشكال المرجعية الناظمة لنصوص الآداب السياسية ، فلم تقصر على المرجعية الدينية المتمثلة فى نصوص القرآن والأحاديث النبوية ، ولا المرجعيات الفارسية واليونانية فقط ، بل جمعت أيضاً معها الثقافة الإسلامية وبعض من تاريخها السياسى ، فقد وجدت الكثير من المؤلفات التى تجمع بين أكثر من مرجعية واحدة ، بل تخطت بعض النصوص لتجمع بين المرجعيات السابقة مع بعضها البعض فى مؤلف واحد ، وهو ما يقع تحت هذا النوع من المرجعية الناظمة لآداب السياسة ، ويقصد به المرجعية المركبة الجامعة .
أن أنماط منهج الكتابة فى أدب السياسة انقسمت إلى أربعة أنماط رئيسية : النمط الأول متعلق بأدب الملوك وأخلاقهم وحياتهم الخاصة ؛ النمط الثانى يعتمد على محور التدبير السياسى ؛ والنمط الثالث النمط الأخلاقى المؤسس على تصور طبيعة الفرد فى بناء النص ؛ النمط الرابع وهو النمط الذى يشكل مجموعة من الأقوال والحكم المتراصة ، بهدف إصابة هدف بعينه ، مثل تعليم الملوك مبادىء التدبير السياسى وقواعده الذى يُمكنهم من المحافظة على السلطة وأمجادها ، والاستفادة من أبهة الملك فى تجلياتها .
كانت السمة الغالبة فى معظم مؤلفات أدب السياسة النقل أو ما يسمى التناسخ ؛ وقد إختلف كل مؤلف عن الأخر فى طريقة نقله ، وفى مدى موضوعيته فى نقله من المصادر المختلفة .
أيضًا كان هناك اختلاف بين كل مؤلف وآخر من حيث الأسلوب ، حيث تعددت الأساليب والطريقة التى كان يستخدمها كل مؤلف فى عرضه لكتابه ، أيضًا وجد بعض المؤلفين الذين جمعوا بين أكثر من منهج فى كتبهم .
أن ظروف عصر ”ابن الأزرق” ، من الانقسامات والتنافس داخل الأندلس والتى أدت فى النهاية إلى سقوط غرناطة دعته إلى تاليف كتابه ”بدائع السلك” لمساعدة حكام وسلاطين وملوك المسلمين بالرجوع إلى تطبيق الشريعة لحفظ بلادهم حتى يتثنى لهم الحفاظ على ما تبقى تحت أيديهم .
تعددت المصادر والمرجعيات التى إعتمد عليها ابن الازرق فى تاليفه للبدائع ، حيث اعتمد على مصادر شرعية متمثلة فى القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، إلى جانب اعتماده على مصادر مشرقية ومغربية على حد سواء ، وأيضاً على مؤلفات فارسية ويونانية .
استخدم ابن الأزرق المنهج العلمى التجريبى فى كتابه البدائع مثلما فعل ابن خلدون ، كما نلاحظ أن منهجية ابن الأزرق منهجية مبتكرة فهى تدل على عقلية منظمة دقيقة ، حيث كان يبدأ بالكليات ثم ينتقل إلى الجزيئات تدريجيًا ، وطريقة الاستدلال عنده أن يبدأ بآيات من القرآن الكريم ثم الأحاديث النبوية ، ثم أقوال الحكماء والمفسرين ، ثم يختتم الاستدلال بحكايات لها صلة وثيقة بالموضوع ، وكأنه أدرك ما للحكاية من تأثير فى جذب انتباه القارىء بعيدًا عن الأساليب النثرية الجافة ، وقد يستشهد بالأشعار والأمثال والمأثورات الشعبية ، كما استطاع أن يجمع أشتات الكتب ويستخلص منها ما يخص السياسة والاجتماع والأخلاق والسير فى مهارة فائقة وقدرة بارعة .
أضاف ابن الأزرق إلى كتابه الذى يحمل مضمونًا سياسيًا مضمونًا آخر له قيمته وهو المضمون الأخلاقى ، حيث أن الجانب الأخلاقى كان يمثل المثالية الإسلامية فى أزهى حضورها ، وهذ يتضح من إضافته فى كتابه لأبواب وفصول تهتم بالجانب الأخلاقى لم تحفل بها مقدمة ابن خلدون ، فعلى سبيل المثال أنه خصص الباب الثانى من الكتاب الثانى للحديث عن الصفات التى يجب أن يتحلى بها السلطان ” الملك ” ، بالإضافة إلى ما ورد فى ثنايا كتابه من الصفات والخلال الحميدة لكل من السلطان وأعوانه .
يجمع ابن الأزرق فى بدائعه بين العقلانى ، والوجدانى ، والغيبى ، فرؤيته رؤية موسوعية منفتحة على جميع المذاهب والاتجاهات ، وأن كانت تحكمها سلطة الفقه الشرعى من جهة ، كما حكمتها ذاتية ابن الأزرق للظواهر السياسية ، من جهه ، والتحليل الغيبى القائم على حقيقة القضاء والقدر وخاصة فى انهيار الملك من جهه ثالثة .
ترجع أهمية ابن الأزرق فى مجال الفكر السياسى ، إلى أن تاريخ الفكر السياسى الإسلامى لم ينغلق بوفاة ابن خلدون ، إذ لم تنقض عدة سنوات حتى ظهر ابن الأزرق يبث خلاصة تجاربه ، وتنوع ثقافته ، وحرصه على حماية بقية بلدان الإسلام وإنقاذها من السقوط والضياع فى مؤلفه البدائع والذى ضمنه من الحكم والمواعظ والتذكرة مما يشير إلى قلق المؤلف وحرصه على إنقاذ دار الإسلام ، فجاء الكتاب معبرًا عن صرخة صادرة من أعماقة لاستنهاض القوى واستنفار الهمم .