Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التداولية في كتاب معترك الأقران في إعجاز القرآن لجلال الدين السيوطي /
المؤلف
العذري، إيمان حميد عبد الله.
هيئة الاعداد
باحث / إيمان حميد عبد الله العذري
مشرف / محمد عبد المطلب مصطفى
مشرف / منال محرم عبد الحميد
مناقش / منال محرم عبد الحميد
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
227ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 227

from 227

المستخلص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعد:
فتعتبر النصوص التراثية حقلاً خصباً يجذب إليه أنظار الباحثين على اختلاف توجهاتهم ومناهجهم، مما يسهم في تثمين جوانب من الجهود التي بذلها علماؤنا القدامى.
وتُعدُّ اللسانيات التداولية من أهم الأدوات التي تساعدنا على استكشاف النصوص التراثية والتأكد من قدرتها على مضاهاة أحدث النظريات اللسانية المعاصرة؛ ذلك أنَّ اللسانيات التداولية انبثقت من مجالات معرفية متعددة جعلت منها مصدراً غنيّاً بالإجراءات التحليلية المتنوعة والقواعد المضبوطة.
إذ لم تعد التداولية علماً لسانياً صرفاً يقف عند حدود البنية اللغوية، بل أصبحت علماً جديداً للتواصل بكل ما فيه من استراتيجيات وشروط لإنجاح العملية التخاطبية بين المتكلمين، ومن ثَمَّ فإننا نستطيع القول بأنَّ التداولية قد تجاوزت دراسة اللغة إلى دراسة استعمالها.
من هنا وقع اختياري على موضوع ”التداولية في كتاب معترك الأقران في إعجاز القرآن لجلال الدين السيوطي”؛ بغية تقصي تجليات التداولية في هذه المدونة التراثية، وإعادة قراءتها قراءة معاصرة تُعيد بعثها من جديد، في حُلّةٍ تتواءم مع معطيات الدرس اللساني التداولي الحديث، وذلك بعيداً عن الخوض في السرد الزماني والوصفي لهذا الحقل الذي -على جِدَّتِه-تعددت حوله الدراسات، واستُفِيْضَت فيه البحوث.
وهكذا فقد كان من أهم دوافع اختيار هذا الموضوع البحث عن قراءة جديدة للتراث العربي تتماشى مع الأطروحات الفكرية المعاصرة من خلال التسلح بآليات جديدة تمكّن من استكشاف أسرار نصٍّ تراثي غني.
ومما شجعني أكثر على خوض غمار هذا البحث وفرة المادة التداولية في كتاب معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي، الذي آمن بأنّ اللغة تؤخذ استعمالاً لا قاعدة، وفضلاً عن ذلك فإني لم أجد -فيما اطلعت عليه-دراسة جادة وكاملة تناولت التداولية في هذا الكتاب، لكني وقفت على دراسة تناولته من الناحية النحوية والصرفية بعنوان:
(دراسة المسائل النحوية والصرفية في كتاب معترك الأقران في إعجاز القرآن للإمام جلال الدين السيوطي: خالد محيي الدين مدني، كلية اللغة العربية، القاهرة، 1993م).
كما دُرس في أطروحة دكتوراه بعنوان:
(معترك الأقران في إعجاز القرآن للإمام السيوطي منهجه ومنزلته بين كتب الإعجاز دراسة مقارنة: محمد بن عقيل موسى، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1996م).
لا غرو إذن أنَّ الهدف من وراء جدَّة هذا البحث هو المساهمة في إحداث تطور في مسار الدراسات التي تناولت كتب السيوطي من الناحية اللغوية، إذ كانت في معظمها بعيدة عن الجانب المرتبط بالتواصل اللغوي وما يحيط به من عناصر فاعلة في إبلاغ الخطاب، بما فيها من متكلم ومخاطب وزمان ومكان وغير ذلك مما يمكن أن يندرج تحت عنوان التداولية اللسانية.
ولعلَّ هذا العمل سيمكنني من الانضمام إلى قافلة الطامحين إلى توثيق الهوية العربية من خلال إعادة قراءة تراثها، والكشف عن الوجه الآخر للتفكير اللساني العربي، وإثبات أسبقية العرب وريادتهم في معرفة أصول الاتجاه اللساني التداولي.
ولا شك في أنَّ هذا البحث قد بُني على المنهج التداولي الحديث الذي يتجاوز البنية النصية بوصفها بنية منغلقة على إمكاناتها الداخلية الصوتية والصرفية والتركيبية، يتجاوزها إلى الخطاب بوصفه بنية منفتحة على علاقات وسياقات خارجية، وعليه فإنَّ الإفادة من نظريات السياق وعلم النص وتحليل الخطاب أمرٌ واردٌ وحتمي.
إنَّ البحث عن التجلي التداولي عند السيوطي في كتابه (معترك الأقران في إعجاز القرآن) يتطلب أن يتم التعامل معه على أنه خطاب موجه إلى متلقٍ، وهذا الخطاب له مقاصده وآلياته التي بني عليها، يلي ذلك فحص ما يحتوي عليه طرح السيوطي من إشارات إلى السياق والمرسل والمتلقي وظروف المقام، ودور كل ذلك في إنجاح العملية التواصلية عبر اللغة المتجسدة أثناء الاستعمال.
وبناءً على ما سبق، فقد تم تقسيم البحث إلى فصلين، يتقدمهما تمهيد، وتقفوهما خاتمة، ويختصُّ التمهيد بعرضٍ موجزٍ لملامح التفكير التداولي عند علماء العرب القدامى بما فيهم من نحاة ولغويين وبلاغيين ونقاد وعلماء للقرآن وأصوليين.
أمَّا الفصل الأول فهو بعنوان ”كتاب معترك الأقران في إعجاز القرآن بوصفه خطاباً”، وفيه سيتم تناول كتاب معترك الأقران في إعجاز القرآن على أنَّه خطاب موجه من السيوطي إلى الطرف الآخر للخطاب وهو المخاطب، وفيه مبحثان، خصص الأول منهما لموضوع الخطاب في هذا الكتاب، والمقاصد التي توخاها السيوطي من وراء تأليفه له، وخصص الثاني لاستراتيجيات الخطاب ووسائل الإقناع الحجاجي التي استند إليها السيوطي لإيصال مقاصده بشكل سليم ومقنع إلى المتلقي.
وسيعُقد الفصل الثاني للكشف عن رؤية السيوطي للنص في كتابه (معترك الأقران في إعجاز القرآن)، ويحتوي على مبحثين، الأول منها مدار الحديث فيه عن النص والسياق، والثاني عن التماسك النصي الذي يُعدُّ مقولة جوهرية في مفاهيم اللسانيات النصية، وكذلك استقصاء آليات التماسك النصي التي أوردها السيوطي في كتابه، والتي اتفقت مع ما جاء في أحدث النظريات اللسانية النصية، وتفوقت عليها في بعض الأحيان.
لنصل بعد ذلك إلى الخاتمة التي تتضمن نتائج البحث وأهم ما ورد فيه، يليها مصادر البحث ومراجعه.
وفي الأخير لا يسعني إلاَّ أن أسجِّل جزيل شكري وخالص امتناني لأستاذي الفاضل الدكتور محمد عبد المطلب؛ لتفضله بقبول الإشراف على إعداد هذه الرسالة، وتقويمها بتوجيهاته القيِّمة وآرائه السديدة، وقد لمست فيه سعة الصدر ووجدت من لدنه رعاية أبوية خالصة، وإنِّي لأتضرع إلى العلي القدير أن يثيبه أحسن ثواب ويمنُّ عليه بنعمائه.
وفي نفسي كلُّ الحبِّ والامتنان والعرفان بالفضل والجميل لأسرتي التي شجعتني على الاستمرار والمثابرة في مسيرتي العلمية، ووقفت معي في أشد الظروف في حلي وترحالي، وعلى رأسهم والدي الغالي وزوجي الحبيب، فلهم مني أصدق الدعوات بأن يحفظهم الله ويبارك فيهم ويجزيهم عني خير الجزاء.
ويسعدني هنا أن أعبر عن شكري لابنة خالتي العزيزة الدكتورة عناية أبوطالب التي فتحت أبواب مكتبتها الزاخرة أمامي وأمدَّتني بنفائس المصادر والمراجع، فلها مني كل الحب والتقدير.
وختاماً فإنِّي لا أدعي بأنِّي قد وصلت بما بذلته من جهد إلى غاية البحث ومبتغاه، لكني آمل أن يشكّل إضافة ولبنة من لبنات مشروع إعادة إثبات الهوية العربية في ميدان اللسانيات التداولية.
أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، إنَّه سميع مجيب، والحمد لله أولاً وآخراً، عليه توكلت وإليه أنيب