Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
استراتيجيات التأويل وأصول العنف الديني:
المؤلف
نايل، صبحي عبد العليم صبحي
هيئة الاعداد
باحث / صبحي عبد العليم صبحي نايل
مشرف / نوران محمد فتحي الجزيري
مشرف / جمال أحمد المرزوقي
مناقش / رجاء أحمد علي
مناقش / منى طلبة
تاريخ النشر
2022
عدد الصفحات
ا-ر، 199ص:
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - الدراسات الفلسفية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 215

from 215

المستخلص

من وجهة النظر الوضعية (الرافضة للإيمان) الأديان صنعها البشر وليس هناك كائن أعلى مفارق للوجود خله ويحكمه؛ ومن ثم تعدّ الأديان سبب العنف الديني، وبزوالها يزول هذا العنف، دون الانتباه لدور الأديان -في بعض الأحيان- في حفظ التوازن الاجتماعي، ولعل هذا ما دفع فيلسوف في حجم ((إيمانويل كانت)) أن يضعها كضامن خلقي للبشر، والتغاضي عن كونها تمثل تعويضا كبيرا عن حالات الفقد الدنيوية المتنوعة، وتعطي إجابات مقنعة ومُشْبعة بالنسبة لمعتنقيها، كما أنها متجذرة في الروح الإنساني ومرضية للعجز الإنساني.
ومن وجهة النظر الإيمانية في السياق الإسلامي يوجد ثلاث تيارات لهم نظرتهم تجاه العنف الديني (التيار السلفي formal Islamic)، ويرى أن مشكلة العقل العربي تجاه الحضارة الغربية تكمن في غياب الإسلام –دون الانتباه إلى الابعاد الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والسياسية للأزمة- ومن ثم يتمثل الحل في عودة صحيح الإسلام في نظره وإحياء كلمة الحق. ووظيفة الدولة في نظره حماية الدين لذا يرى أن ميل الدولة نحو التحديث شكل من أشكال هدم العقيدة والدين، فيرى في نفسه أحقية حماية الدين وفرضه كحل للمشكلات الكونية، لذا لا يرى في العنف حرج أو مشكل، بل يراه فرضا دينيا يمثل حماية الدين –وإن كان العديد من أفراده لا يصرحون به لكن الخطاب العام له يتضمن هذا- ويطلق عليه إسم (الجهاد).
(التيار الأصولي raditional Islamic) ويكتفي هذا التيار بمحاولة توضيح صورة الإسلام السمحة، ورفض العنف الديني ونفي كونه إسلامي، ويتنكر له، دون محاولة دراسة الظاهرة وتبيان منابعها.
(التيار الحداثي) يرى التيار أن للعنف الديني أبعاد أكثر دقة وتعقيدا من أبعاد: اجتماعية وسياسية وتاريخية ومعرفية ... وتبعا لإعلان الجماعات الجهادية نفسها الممثل الأوحد للإسلام، وحاملة راية صحيح الدين وتكفر كل من يخالفها، يراهن التيار الحداثي خاصة نموذج الدراسة (محمد أركون ونحصر حامد أبو زيد) على التأويل كحل لمشكلة العقل العربي، من زاويتين، الأولى: بوصفه ألية سحب النص من الجماعات الجهادية، واطلاق قراءات ورؤى متعددة للنص القرآني. والثانية: لدور التأويل – الذي يراه التيار الحداثي- في تَشَكُل الواقع الإسلامي، لِمَ للنص القرآني من سلطة ودور محوري في الواقع الإسلامي. وجاءت الزاوية الأولى معلنة غياب أي قراءة مطابقة للمراد الإلهي من النص، وإلا فقد النص طبيعته الراهنية، وأصبح القارئ يملك عقل إلهي، استطاع من خلاله فهم المراد من النص؛ الكامن في الضمير الإلهي. وسعى التيار الحداثي وممثليه في الدراسة (محمد أركون، ونصر أبوزيد) في الزاوية الثانية لتقديم قراءة للنص القرآني، تسمح بانفتاح المجتمعات العربية على العالم، وذلك من خلال تطبيق المناهج المعاصرة على النص القرآني، لإيمانهم بأن عملية التأويل تمثل شكلا آخرا من عملية التنزيل، وما يفضي إليه من واقع مختلف، كما فعل التنزيل.
وجاءت الدراسة على النحو الآتي:-
تأتي المقدمة عارضة لأهمية الموضوع وإشكاليته، والتساؤلات المتفرعة منه، وتبعا لهذه التساؤلات تشكل بناء البحث، بحيث يأتي الفصل الأول تحت عنوان ” التأويل بين الموضوعية والذاتية في الفكريين الغربي والإسلامي” متضمنا رؤية مختصرة للتأويل في الفكرين الغربي والإسلامي تمهيدا للحديث عن التأويلات المعاصرة المطروحة.
وفي الفصل الثاني ” نقد العقل الإسلامي بين محمد أركون نصر وحامد أبوزيد (التوظيف الأيديولوجي للدين)” حاولت تقديم رؤية نقدية لطبيعة العقل الإسلامي من خلال منظومتي التفكير لدى كل من ( محمد أركون ونصر حامد أبوزيد ) وتعامله مع النص القرآني، وما يحيل إليه من نمط موحد للتعامل مع النص القرآني.
وفي الفصل الثالث” المحاولات الإبستمولوجية وأصول العنف الديني” عملت من خلال المنهج السيسيولوجي والأنثروبولوجي على تقديم فهمى لآليات ومنطلقات العنف الديني، والمحاولات الإبستمولوجية – كما تعلن عن نفسها – للتصدي للعنف الديني.
أما الفصل الرابع والمعنون ب ” استراتيجية محمد أركون التأويلية ( الأنسنة)” فجاء حاويا لرؤية الباحث للطرح الأركوني لقضية التأويل، وما يسعى إليه في مشروعه.
وفي الفصل الخامس ” استراتيجية نصر أبوزيد التأويلية ( القرآن ما بين النص والخطاب)” حاولت تقديم مشرع أبوزيد البحثي حول التأويل بشيء من التفصيل.
واستقرت الدراسة على أن مشروع ((أركون)) جاء ذا طابع شمولي أكثر مما جاء به ((أبوزيد))، فمحاولة انطلاق أركون من الواقع جعلته لا يضع مشروعه في قالب منهجي محدد، فتمتع مشروعه بمرونة منهجية عالية، حيث إنه اعترف في مواضع كثيرة بعدم التزامه بمنهج محدد، أو معين. بل إنه سعى لميلاد قراءة جديدة كل الجدة، ورفض الحكم عليها مسبقا، فمن خلال تسميته لمشروعه بالإسلاميات التطبيقية يطالب بأن نخضع الأمر للتجربة لعله يأتي بشيء جديد لم نعرفه من قبل، أكثر اتزانا من المفاهيم الحداثية، أو ما بعد الحداثية، متناغم أكثر مع العقل الإسلامي، ومجتمعاته. فطالب كثيرا بتحرر القراءات المقدمة للنص، من أي أفكار قبلية، سواء من خلال التراث الإسلامي أو الحداثة ومنجزاتها المبهرة للعقل الإنساني، وإعطاء المساحة للنص بأن يتحدث؛ لذا ألح على المرونة المنهجية، وخروج المنهج من طبيعة الخطاب القرآني، أو الإشكالية. وأرى أنه في هذه الناحية أكثر اتزانا من نصر أبوزيد .
وجاء طرح أبوزيد كباحث مهموم بأزمات واقعه محاولا التوفيق بين واقعه المنعزل عن العالم، والعالم من حوله بمنجزاته وتحركاته، وباعتراف منه أن النص القرآني له الدور المحوري في الواقع العربي، جاءت محاولته، كتوفيق بين القرآن والحداثة، أو العقل المعاصر. فحاول وضع إطار ومنهج علميين للنص القرآني، مما جعله يمر بتناقضات عديدة أسقطته فيما اتخذه على التفسيرات القديمة، ولكنه عاد لينتقدها واحدة بعد الأخرى، محاولا الوصول إلى حل إبستمولوجي/ منهجي يمَكّن النص من الحديث عن نفسه. لكن محاولة انطلاقه من منهج محدد سلفا- على العكس من أركون - أو تأطير النص بطابع علمي، جعله يقولب النص، ومن ثم يسقط نتائج الحداثة والعقل المعاصر على النص القرآني. فمن اللافت للنظر أن طرحه للقرآن كخطاب جاء متأخرا عما طرحه العديد من أصحاب النظريات التأويلية الحديثة، وانتبه أبوزيد لهذا؛ لذا عندما طرح مفهوم الخطاب في كتابه التجديد والتحريم والتأويل، طرحه من خلال المفهوم الأركوني للخطاب معترفا بذلك، وما يعنيه هذا أن أبوزيد كان محدودا بالثقافة العربية غير مطلع على الأطروحات المعاصرة للتأويل، لا يملك الأدوات الكافية لبناء مشروع متكامل. ولا يعني هذا أنه لم يقدم شيئَا، بل إنه أول من حاول بناء نسق تأويلي من داخل الثقافة العربية؛ لذا تعد محاولته أولى إرهاصات العقل العربي الإسلامي لبناء نسق تأويلي عربي من داخل بنية اللغة العربية وثقافتها، فاتخاذي بعض المآخذ عليه لا يعني أبدا أن طرحه كان منتقصا ، بقدر ما يعني أن طبيعة العمل البشري تكاملية، حيث ننظر إلى أخطاء السابقين ونتفاداها، ونعمل على سد هذه الثغور.
وما اتسمت به التأويلات الحداثية –كونها تنطلق من أفق الحداثة- انطلاقها من منجزات الحداثة وما بعد الحداثة كطبيعة بشرية كونية، ومن ثم حاوَلَتْ استنطاق النص بهذه المنجزات، بوصفها المعيار لما هو صواب أو خطأ/ صالح أو غير صالح، وبالرغم من أن التأويلات الحداثية جاءت متضمنة نتائج بدائية، وهي ما توصل إليه العقل الحداثي، حاولت فرضها بشكل قسري على النص، تتبعت في هذا المناهج الهرمنيوطيقية / التأويلية المعاصرة. لكنها تميزت عن غيرها بإدراك حدودها الإنسانية، وفضائها الثقافي، ومن ثم فتحت الباب أمام تأويليات أخرى.