الفهرس 
المقدمةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 246 |  |  |
| | | from | 246 | | |
المستخلص
عرف الإنسانُ منذ القرن العشرين شكلَ الدولة, والسُّلطَة السياسيَّة التي تُناط بها مُهمَّة تنظيم العلاقات بين الأفراد والجماعات، الذين تنازلوا عن بعض حقوقهم وحرياتهم لصالح الدولة مقابل شكل الحكم, الذي يتولَّى الاهتمام بمصالحهم وتطلُّعاتهم بالعيش الكريم. ومنذ بداية القرن العشرين، شهدت الدول صراعًا سياسيًّا متزايدًا بين الأنْظِمَة السياسيَّة ذات التوجُّهات المختلفة، منها ما هو ليبرالي أو اشتراكي أو شيوعي، تتسابق بالتفوق والسيطرة على بعضها، ولكن كان للفلسفة الليبرالية صعودٌ متميزٌ بفضل التَّطوُّر الذي شهدته الأنْظِمَة الحرة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأيضًا سياسيًّا، وما حصل هذا إلا على حساب الدول الأخرى الأقل تطوُّرًا وخاصة الدول الاشتراكيَّة؛ بسبب الضعف الاقتصادي الذي شهد انهيارًا في أواخر القرن العشرين، حيث برزت الأفكار حول فصل السُّلُطات، الذي شهد صدًى بارزًا لدى المفكرين والفقهاء، إلا أنَّ خلافًا نشأ بينهم حول مبدأ الفصل بين السُّلُطات؛ بسبب أنَّ البعض يرى أنَ هذا المبدأ يعني الفصل الجامد، بينما يرى الآخرون أنَّ المقصود من هذا المبدأ هو الفصل المَرِن بين السُّلُطات، حتى انتهى السباق بينهم ليصبح مبدأ الفصل بين السُّلُطات أحد أهم الأركان الأساسيَّة لقيام الحكم الديمقراطي، وعلى أساس هذا المبدأ مُيز بين الفقه الحديث والفقه التقليدي الذي بيَّن شكل الأنْظِمَة السياسيَّة، فمنها ما هو رئاسي, أو بَرْلَماني, أو نظام المجلسين الذي يسيطر فيه البَرْلَمان على كل السُّلُطات، وخاصة السُّلطَة التنفيذيَّة التي تدير شؤون الدولة، يقابلها شكل النِّظام الرئاسي القائم على الفصل الجامد بين السُّلُطات، حيث تولَّد عنه استبدادُ كلِّ سلطة بصلاحياتها، بينما يقابل تلك السلطتين نوعٌ ثالثٌ من شكل الأنْظِمَة النِّيابيّة وهو النِّظام البَرْلَماني، والقائم على الفصل المرن بين السُّلُطات والتعاون فيما بين السُّلُطات.