Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
فرقة البرامكة للفنون الشعبية :
المؤلف
قاسم، منى عدلي هاشم.
هيئة الاعداد
باحث / منى عدلي هاشم قاسم
مشرف / علياء علي شكري
مشرف / حسن أحمد الخولي
مناقش / فاتن أحمد على
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
287ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
علم الاجتماع والعلوم السياسية
تاريخ الإجازة
27/6/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قسم الاجتماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 287

from 287

المستخلص

الملخص العربي
مقدمة:
يهتم هذا البحث بدراسة فرقة البرامكة الموجودة في نطاق بحيرة المنزلة بمركز المطرية بمحافظة الدقهلية، وهي جماعه صيادين لها جذور تاريخية. تتميزفنها بالتلقائية والارتجال وتتنوع أغانيها مابين عاطفية ودينية وموال ومونولوج وأغاني الصيد. وقد قامت الباحثة بتصوير فيلم إثنوجرافي لفرقة البرامكة يتناول حياتها أثناء الصيد في البحيرة وحفلاتها,التي تتنوع مابين الأفراح وقصور الثقافة والمناسبات المختلفة.
بهدف توثيق بعض ملامح الثقافة الشعبية الخاصة بتلك الجماعات، مما يساعد على تتبع مظاهر التغير وآلياته في هذه الثقافة مستقبلاً. ولقد جاءت الدراسة في بابين:الأول يضم اربع فصول تختص بالإطار النظري, والإطار المنهجي, ورؤيه تحليلية للدراسات السابقة, وتحليل الافلام الوثائقية ونبذة عن رواد الفيلم والباب الثاني يشمل الدراسة الميدانية والتي جاءت في ثلاثة فصول,ويدور الفصل الخامس حول ملامح التغير الاجتماعي والثقافي (مجتمع البحث)، والفصل السادس يتناول الأشكال الفنية لفرقة البرامكة (الأغنية –الموال-الرقص- الآلات),و الفصل السابع يتضمن أهم النتائج والتوصيات. وتضم الدراسة سيناريو لفيلم ”البرامكة ” ضمن ملاحق الدراسة.
اولاً: مشكلة البحث:
إنطلاقاً من إهتمام الأنثروبولوجيين حديثاً بدراسة الفيلم الاثنوجرافي، بإعتباره آداة بحثية وتعليمية في إطارالأنثروبولوجيا البصرية، خاصة وأن الفيلم الاثنوجرافي يركز علي دراسة ثقافة معينة أو مجتمع بعينه، وذلك من خلال الإعتماد علي الملاحظة، ومعايشة الأحداث أو الأماكن أو الأشخاص اللذين يدورحولهم الفيلم (منى سعيد الحديدى وآخرون، 2002: 29),
تتبلورا لدراسة الراهنة في محاولتها توظيف إحدى تقنيات البحث في مجال الأنثروبولوجيا البصرية أو(المرئية)، وهو(الفيلم الاثنوجرافي) في القيام بعمل دراسة أنثروبولوجية عن إحدى فرق الفنون الشعبية، وهى فرقة البرامكة، حتى تتمكن الباحثة من توضيح الأهمية العملية للفيلم الاثنوجرافي كوثيقة مسجلة بالصوت والصورة، تؤرخ أوتوثق لثقافة ما أو لجماعة ما، أولفن من الفنون، وتأمُل الباحثة في أن تكون ثمرة دراستها هذة، إذا ما قدّر لها أن تتحقق, باكورة لمزيد من الدراسات الأخري في مجال الأنثروبولوجيا البصرية، وتعزيز دورها المهم في إثراء الدراسات الأنثروبولوجية المصرية بوجة عام والدراسات الفولكلورية بوجة خاص، مما يجسد التكامل بين علوم الأنثروبولوجيا، والفولكلور، والسينما. كما أن تقدم هذا الفرع من فروع الأنثروبولوجيا وتراكم الإسهامات في مجالة، سيؤدي إلي مزيد من التقدم فيما يتعلق بدراسة الظواهر الثقافية وجمع عناصر التراث الشعبي وحفظها.
ثانياً: أهداف الدراسة:
تتبلور أهداف الدراسة الراهنة, في هدف رئيسي وأساسي, تتفرع منه مجموعة أخري من الأهداف الفرعية التي تتمحور حوله بالضرورة, وذلك كالتالي:
1- محاولة توظيف إحدي التقنيات المستخدمة في الأنثروبولوجيا البصرية والمتمثلة في الفيلم الإثنوجرافي, للاستفادة منها في التعرف على السياق الاجتماعي والثقافي لفرقة البرامكة وهي إحدى الفرق الشعبية بالمطرية ببحيرة المنزله.
أ- الكشف عما إذا كان لجماعة البرامكة مهن اخري من أجل العيش, أم انهم يقتصرون على العمل بالفرقة وتقديم العروض الفنية فقط بمعني هل هم هواة أم محترفون ؟
ب- التعرف على شبكة العلاقات الاجتماعية التي تربط بين أعضاء الفرقة بعضهم البعض, وبينهم وبين المجتمع محل الدراسة.
‌أ- التعرف على الخصوصية الثقافية المادية (كالذّي والالآت) وغير المادية (كالموسيقي والأغاني والموال) لفرقة البرامكة.
‌ب- الكشف عن مدى ارتباط الفرقة بالمؤسسات الثقافية الرسمية (هئية قصور الثقافة), من خلال تتبع حفلاتها في إطارها الشعبي.
‌ج- محاولة الكشف عن أدوات العزف والإيقاع التي تستخدمها الفرقة,ومدي تطورها عبر الزمن.
‌د- محاولة التعرف على كافة الفنون الشعبية عند البرامكة, وهل اختفت منها بعض الأنواع, أم أنها ظلت موجودة واكتسبت أنواعاً جديدة.
‌ه- إلقاء الضوء على أهم حفلات البرامكة داخل وخارج المجتمع المحلي.
‌و- الكشف عن دور وسائل الإعلام في تحقيق انتشار هذه الفرقة وإظهار دورها, وتوصيل ماتقوم به من إبداع إلي المجتمع بشكل عام.
ثالثاً: الاجراءات المنهجية:
استعانت الباحثة بعدد من مناهج البحث وتشمل: المنهج الأنثروبولوجي بأدواته (الملاحظة – المقابلة – التسجيل الصوتي – التصوير الفوغرافي –تصوير الفيديو – دليل العمل الميداني), بالإضافة إلي دراسة المجتمع المحلي, منهج دراسة الحالة.
التعرف علي مجتمع البحث:
تم اختيار مركز المطرية بمحافظة الدقهلية لتواجد فرقة البرامكة في هذه المدينة والتي تقع في شبة جزيرة المطرية في منتصف بحيرة المنزلة من جهة الجنوب والتي تقع بدورها في شمال شرق دلتا نهر النيل,ويحدها شمالاً البحر الأبيض ومحافظة بور سعيد,وجنوباً محافظتي الشرقية والدقهلية,وشرقاً قناة السويس,وغرباً محافظة دمياط, ويعمل مايزيد عن 90 % من أهالي المطرية في مهنة الصيد,ولقد أصبح مركزالمطريه مركزاً مستقلاً عن المنزلة منذ عام 1991م, ويوجد بها خدمات حكومية وصحية وتعليمية وأنشطة ثقافية واقتصادية وسياسية ومحلات بأنواع مختلفة أبرزها محلات بيع أدوات الصيد. وعدد سكانها (153315) نسمة, وفقاً للتعداد السكاني لعام 2016م,حيث يضم مركز المطرية مجموعة من القرى التابعة له,أكبرها قرية العصافرة. ويتبعها (قرية الضهير,وقرية أولاد صبور,وقرية النسايّمة).
وينقسم مركز المطرية الي ثلاثةأقسام وهي: الغِصْن وهي منطقة تقع في مقدمة المطرية, ويقيم بها عائلة الحاج أحمد منتصر (البرامكة) والتي تشتهر بحرفة الصيد والسّدد ومنطقة العُليِدية, والعُقبيين. وتعتبر مدينة المطرية بشكل شوارعها ومبانيها ريفاً متحضراً.
تناول البحث رؤية تحليلية لبعض الدراسات السابقة تتضمن المحاور الآتية: دراسات أنثروبولوجية, ودراسات فولكلورية,ودراسات متخصصة في مجال الأدب، ودراسات موسيقية, كذلك استعانت الباحثة بتحليل بعض الأفلام الوثائقية (التسجيلية) تحليلاً فنياً وأنثروبولوجياً.
ويتضمن البحث أيضاً الأشكال الفنية لفرقة البرامكة من الأغاني والرقص والموال وشكل الآلآت المستخدمة حديثاً وقديماً.
رابعاً: الإطار النظري:
وفي ضوء موضوع الدراسة استعانت الباحثة بإطار نظرى يجمع بين بعض قضايا النظرية الوظيفية مثل, علاقة التأثير والتأثر بين الكل والجزء, وعملية التكيف المستمر,واستعانت الباحثة أيضاً بنظرية الثقافة الفرعية وتتضمن بعض القضايا مثل ارتباط الثقافة بالحضر, العلاقة بين حجم الجماعة وتكوينها أو تشكيلها لثقافة فرعية, والاحتكاك بين الثقافات. والعلاقة بين حجم الجماعة والعلاقات الاجتماعية.وكذلك نظرية الهوية الاجتماعيه وقضاياها مثل رؤية الذات والآخر والعلاقة بالآخر, والعلاقة بين اللغة والهوية.
تضمن البحث عدة مفاهيم أساسية للدراسة وبعض المفاهيم الإجرائية المرتبطة بموضوعها وهي:
1- مفهوم الأنثروبولوجيا البصرية Visual Anthroplogy
2- الإثنوجرافيا Ethnography
3- مفهوم الفيلم الوثائقي Documentary Film
4- مفهوم التغير الثقافي Cultural Change
5- مفهوم التغير الإجتماعي Social Change
6- الاندماج – الانصهار fusion
- عناصر الفيلم الوثائقي:
اللقطة – المصور – الكاميرا – الصوت – المونتاج – المكساج – السيناريو – المونتير
نتائج الدراسة:
ثمة نتائج توصلت إليها الدراسة الراهنة، منها ما يتعلق بشكل واضح، بالتغيرات التى حدثت فى طبيعة وشكل الحياة في مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية، بشكل ووضع فرقة البرامكة، التى تأثرت جرَّاء التغيرات التى لحقت بمجتمع الدراسة، وسوف يتم عرض هذه النتائج، في ضوء قضايا الإطارالنظرى للدراسة، ونتائج الدراسات السابقة، وذلك على النحو التالى:
- كشفت الدراسة عن أهمية بعض القضايا النظرية لكل من: النظرية الوظيفية، ونظرية الهوية الاجتماعية، والثقافة الفرعية في تفسير القضايا المرتبطة بعملية الاندماج والتعايش لجماعة اجتماعية ذات طابع ثقافى خاص داخل مجتمع كبير جاءت إليه وعاشت فيه دون أن تفقد طابعها الثقافى، وفي نفس الوقت استطاعت أن تتكيف معه تتأثر به وتؤثر فيه.
- اتساقاً مع ما أكدت عليه النظرية الوظيفية، من أن هناك علاقة تأثيروتأثر، ما بين الكل والأجزاء التى تندرج تحته، فقد توصلت الدراسة: إلي أن التغيرات التى شهدها المجتمع المصرى بشكل عام كمجتمع أعم وأشمل، انسحبت تباعاً على المطرية باعتبارها جزء من هذا المجتمع الأكبر، ثم انسحبت هذه التغيرات إلي كافة الأنساق الفرعية المكونة لمجتمع المطرية، ومنها النسق الثقافى، فإن الفن الشعبى يمثل هو الآخر نسقاً فرعياً أو أحد مكونات النسق الثقافى، وبالتالى تأثر بما تأثر به المجتمع من تغيرات.
- تقدم فرقة البرامكة باعتبارها كياناً فنياً خاصاً قائـماً بذاته في هذا المجتمع (المطرية)، لوناً مميزاً من الفن الشعبى ؛ فقد تـأثرت هى الأخرى بجملة هذه التغيرات، بحيث تراجع دور هذه الفرقة بشكل ملحوظ في إحياء الأفراح والليالى والمناسبات الدينية والروحية والوطنية في منطقة المطرية، بعد أن كانت هى وأعضاؤها ملء السمع والبصر، ولا يعرف أهالى المطرية غير هذه الفرقة لتحيى احتفالاتهم وأفراحهم، ولكن مع ظهور الراديوالكاست والتسجيلات الصوتية على أشرطة، بالإضافة إلي تطور وسائل الاتصال والإنترنت، وسهولة الحصول على الأغانى وغيرها، ومؤخراً ظهور أغانى المهرجانات، كل هذه العوامل أدت إلي تراجع الإقبال على فرقة البرامكة وما تقدمه من فن كان في يوم ما مطلوباً ومرغوباً من قبل أهالى المطرية وبعض المناطق الأخرى.
- الصورة ليست قاتمة تماماً بالنسبة للفرقة وأعضائها، فقد قامت الدولة ممثلة في هيئة قصور الثقافة باعتماد وتسجيل فرقة البرامكة كإحدى فرق الفن الشعبى، مما فتح المجال أمام الفرقة لإحياء بعض الليالى والحفلات,ليس فقط فى منطقة المطرية وإنما كذلك في محافظات مصر المختلفة، في بعض المناسبات الدينية والوطنية، هذا بخلاف سفر الفرقة للخارج أحياناً عن طريق وزارة الثقافة لتقديم عروضها وفنها في الخارج باعتباره فناً شعبياً مصرياً.
- إلا أن استخدام وزارة الثقافة لفرقة البرامكة وفنها يبقى محدوداً وعلي نطاق ضيق وبمقابل ضئيل، ولا يعوض الفرقة وأعضاؤها عن مرحلة الازدهار التى شهدتها في السابق، لكنه يبقى باباً يساعد على بقاء الفرقة ويحافظ على فنها من التلاشى والاندثار.
- بناءً على مااتجهت إليه البنائية الوظيفية، من أن التغيرالاجتماعى أوالعقلى، لايمكن أن يحدث إلا لكى يشبع حاجات جديدة، وأن هناك عملية تكيف مستمرة، تتواجه فيها الثقافة مع الحاجات والرغبات المتجددة للفرد والجماعة، فقد توصلت الدراسة إلي أن (جماعة البرامكة)إستطاعت بالفعل أن تتكيف مع ما لحق بالمطرية من تغيرات، باعتبارها مجتمعهم الذى يعيشون فيه.
- توصلت الدراسة إلي أن المطرية باعتبارها المجتمع الذى تعيش فيه فرقة البرامكة قد لحق به الكثير من أشكال التغير، فعلى مستوى النشاط الاقتصادى مثلاً، فقد تشعبت الأنشطة الاقتصادية بحيث لم تعد تقتصر على الصيد والزراعة كما كان في السابق، بل استحدثت أنشطة جديدة لم تكن موجودة من قبل وتطورت أنشطة تقليدية مواكبة عملية التغير الحادث، فالمحال المخصصة لبيع أدوات ومعدات الصيد لم تكن موجودة من قبل,بما تحويه الآن من أشكال وأنواع مختلفة لأدوات الصيد، وإنما كان كل صياد يقوم بتصنيع شباكه بنفسه بخيوط قطنية أو حريرية، أما الآن فأصبح يستخدم شباكاً مستوردة بلاستيكية (نايلون)، كذلك مهنة تصنيع اليخوت السياحية، فهذه المهنة حتى وقت قريب لم تكن موجودة، إلا أنها في غضون العقود الثلاثة الفائتة نمت وازدهرت وأصبحت من الأنشطة الأساسية والمؤثرة في المطرية.
- كذلك فإن عملية صناعة (الكاب) أو السّدة باللهجة المحلية، كانت تتم على نطاق ضيق فيما سبق، وكانت في معظمها للاستخدام المنزلى أو الحقلى لصانعها، غير أنها اتسعت مؤخراً بسبب زيادة الطلب عليها ولتغطية حاجة السوق المتنامية، فالزراعات الجديدة في المناطق الصحراوية تحتاج إلي كميات كبيرة منها, لذلك نمت وتوسعت هذه الصناعة في المطرية.
- أيضاً على مستوى النشاط الزراعى فقد حدث تغير ملحوظ يمكن الوقوف عليه من خلال ملاحظة شكل ونمط الزراعة حالياً, مقارنة بما كانت عليه في السابق، حيث كان النشاط الزراعى تقليدياً بحتاً، أما الآن فقد تغير شكل هذا النشاط وأصبح يلبى بالأساس حاجات السوق، وغلبت المادية على هذا النشاط، وأدار ظهره للزراعات التقليدية لحساب المحاصيل النقدية التى تدر عائداً مادياً كبيراً.
- توصلت الدراسة الي أن أعضاء فرقة البرامكة لا يعتمدون في معيشتهم وإعالة أسرهم على المقابل الذى يحصلون عليه من إحياء الأفراح والليالى هنا أو هناك، وإنما يعتمدون في ذلك على مهنة صيد الأسماك من بحيرة المنزلة بشكل أساسى، وهذا النشاط بدوره يواجه عثرات كثيرة هو الآخر، فبحيرة المنزلة - مصدر عيشهم - قد طالتها يد الإهمال في الفترات السابقة، وذلك بالتعدى بالردم على حرم البحيرة من أجل البناء، أو من خلال فرض الإتاوات على الصيادين من قِبل عصابات التهريب والخارجين على القانون المختبئين فى أحراش البحيرة ولا يجدون مصدراً للعيش سوى إجبار الصيادين على دفع المال لهم، كذلك فإن التلوث الذى طال مياه البحيرة وأدى بالضرورة إلي قلة الأسماك واختفاء بعض أنواعها أحياناً، كل ذلك بخلاف ورد النيل والأحراش التى تملأ البحيرة وتغطى مساحات كبيرة منها,مما يقلل من فرص الصيد أمام الصيادين من البرامكة وغيرهم.
- كل ذلك أدى بالضرورة إلي تقلص سبل العيش أمام أعضاء فرقة البرامكة كصيادين، مما زاد من الأعباء الإقتصادية عليهم، وكان دافعاً لعدد كبيرمنهم وخاصة من الشباب إلي البحث عن مهن وأعمال أخرى لكسب عيشهم وإعالة أسرهم.
- من خلال المعايشة تيبن أن أعضاء فرقة البرامكة وأثناء خروجهم في رحلات الصيد لا يصطحبون معهم آلات موسيقة للعزف، غير أنهم على الرغم من ذلك لا يتوقفون عن الغناء وممارسة لونهم الفنى المعروف عنهم، ومن أجل ذلك فإنهم يستخدمون ما هو متاح أمامهم وما تقع عليه أيديهم من أشياء للعزف عليها، فيستخدمون جرادل المياة لضبط الإيقاع (الطبل)، وأحياناً يضربون بأيديهم على أسطح قواربهم عوضاً عن الطبلة، ويستخدمون الملاعق المعدنية ؛ يضربون بها برفق على الأكواب الزجاجية لإحداث النغمات.
- كشفت الملاحظة عن وجود تأثير واضح بين النشاط الاقتصادى لأعضاء فرقة البرامكة المتمثل في مهنة صيد السمك، وما يقدمونه من فن، وقد جاء ذلك التأثير من خلال ما يؤديه أعضاء الفرقة من رقصات أثناء الغناء والعزف، وهذا الرقص هو عبارة عن حركات مشابهة تماماً,أو ربما مستوحاة في الأساس من حركات أجسام الصيادين أثناء سحب الشباك وجر الحبال، وضرب وجه المياه بالمدراة لإخافة الأسماك، وأحياناً تأتى هذه الرقصاتمشابهة لحركة الأسماك وهى تعوم في المياة، وهو في مجمله يبرهن بوضوح عن تأثر فن البرامكة بمهنة الصيد.
- كشفت الدراسة أن الأغانى التى تقدمها فرقة البرامكة، لا تقتصر على لونٍ واحد، وإنما تختلف باختلاف المناسبة التى تغنى فيها الفرقة، فغناءها في الأفراح يأخذ شكلاً عاطفياً في الغالب، ويختلف بالضرورة عما ما إذا غنت الفرقة في إحياء مناسبة دينية أو روحية,فيكون موضوعها دينياً كمدح الرسول وتعديد معجزاته، أو مدح أحد الأولياء، كذلك يختلف شكل الغناء في المناسبات الوطنية، كالغناء لأحد الرؤساء مثل الزعيم جمال عبد الناصر عنه في الأغانى التى تتحدث عن رحلات الصيد والصعوبات التى تواجههم فيها، وهذا كله يختلف عندهم عن غناء الموال الذى يغنى بشكل يغلب عليه الطابع الإرتجالى والعفوى في معظم الأحيان.
- أفصح الواقع الميدانى عن أن فرقة البرامكة لم يعد أعضاؤها المكونون لها يقتصرون على البرامكة فقط، فبخلاف الجيل المؤسس للفرقة ومعظمهم من الطاعنين في السن، فإن غالبية شباب الفرقة من خارج البرامكة، وذلك بسبب تمرد شباب البرامكة على مهنة آبائهم وما يقدمونه من فن، واتجاههم إلي أعمال ومهن خارج نطاق العائلة والقبيلة، مما اضطر الآباء المؤسسين إلي الاعتماد على شباب آخرين، ليورثوهم فنهم، وذلك في حقيقته إنما يعبر عن خطورة الوضع بالنسبة للفرقة وما تقدمُه من فن. ففى حالة سير الأوضاع على هذا النحو قد تتعرض الفرقة وفنها المميز للاندثار.
- بينت الدراسة أن الفرقة بعد انضمامها لهيئة قصور الثقافة, قد شهدت تطوراً على مستوى الآلات الموسيقية المستخدمة في العزف، فبعد أن كانت تعتمد على الطبلة فقط وبشكل أساسى، أتاحت لها الهيئة الأورج والناى والسمسمية، وكذلك خصصت لها الهيئة مدرباً لتعديل وتنظيم أساليبهم الغنائية,والتى تشمل ألحانهم وموسيقاهم وألفاظهم ولغتهم,حتى تكون مفهومة للناس، وذلك نظراً للطابع التلقائى الذى كان يغلب عليها، كذلك قام المدرب بتعليم أعضاء جدد من خارج البرامكة طريقة غنائهم وعزفهم.
- كشفت الملاحظة أن الأعضاء الأصليين في فرقة البرامكة ؛ وغالبيتهم من كبار السن الجيل المؤسس للفرقة يحتفظون بزّيهم المميز، وهو عبارة عن جلباب وعمامة وحزام من القماش ملفوف حول الوسط، أما الأعضاء الجدد من خارج البرامكة فإنهم يرتدون أزياء عادية، وهو ما يعبر عن تمسك الجيل المؤسس للفرقة بخصوصيتهم الثقافية.
- كشفت الدراسة أن فرقة البرامكة تختص بنوع معين من الاحتفاليات يعرف بإسم (الضّمة) وهو عبارة عن مجموعة من الفقرات الغنائية المقترنة بالرقص بشكل معين، تبدأ أولاً احتفالية الضّمة بفاصل إيقاعى يسمى ” سلام الضّمة ” يكون بمثابة إعلان عن بدء الاحتفالية، وكذلك للتهيئة النفسية للمؤدين والمتلقين، ثم يقوم أعضاء الفرقة بخلع الأحذية كشكل من أشكال الاحترام للجمهور، ثم يجلسون على الأرض المفروشة بالحصر أو السجاد، على شكل حلقة دائرية، ويبدأون بالعزف والغناء كافتتاحية للحفل، ثم تتوالى الفقرات تباعاً، وهنا تتفق الدراسة الراهنة مع دراسة ” ”محمد السيد شبانة” بعنوان (أغانى الضّمة في بورسعيد – دراسة ميدانية موسيقية).
- على أن فرقة البرامكة قد اكتسبت سمعتها وشهرتها بآداء احتفالية الضّمة عبر فترات طويلة، كان الناس يستقدمون الفرقة من أجل فقراتها، وبمرور الوقت وتغير الأحوال تراجعت احتفالية الضّمة شيئاً فشيئاً حتى كادت تنتهى، ولكن على الرغم من ذلك فلا زال الجيل القديم من فرقة البرامكة يحتفظ ببعض طقوس الضمة، كخلع الأخذية عند الغناء أمام الجمهور, تعبيراًعن احترامهم, والجلوس على الأرض في حلقة نصف دائرية, وتأدية الرقصات التقليدية.
- كشفت الدراسة عن تأثر البرامكة بالثقافة الخاصة بمدينة المطرية بمحافظة الدقهلية ويتضح ذلك في اكتسابهم بعض السمات الحضرية فيما يخص الملبس، واللهجة، وعادات الطعام، ونمط المسكن، والمهن، وإن كان ذلك لا يعنى تخليهم كليةً عن سماتهم الثقافية فيما يخص هذه العناصر، وإنما حاولوا الجمع بين ثقافتهم الخاصة التى حملوها من موطنهم الأصلى ؛ وثقافة المجتمع الذى يعيشون فيه حالياً.وذلك في إطارمحاولتهم التكيف والتعايش.
- انطلاقاً مما أكدت عليه نظرية الثقافة الفرعية على أن هناك علاقة بين حجم الجماعة وتشكيلها لثقافة فرعية ؛ فقد كشف الواقع الميدانى عن أن جماعة البرامكة التى جاءت إلي مصر منذ البداية، ربما كانت كبيرة العدد، وهو ما مكّنها من الإستمرار والبقاء، والاحتفاظ بطابعها الثقافى المميز لها لسنوات طويلة ؛ غير أن الظروف المحيطة بها الآن من تغير وتعدد الأشكال الفنية المنافسة، والضغوط الاقتصادية، وتطوروسائل الإعلام والاتصال، وعدم الاهتمام الكافى من قِبل الجهات الرسمية، وخاصة من حيث الدعم المادى لهم، قد تؤدى هذه العوامل إلي تلاشى هذه الفرقة وما تقدمه من فن.
- بناءً على ما افترضته نظرية الهوية الاجتماعية من أن هناك علاقة بين اللغة التى يتكلمها أفراد جماعة معينة وهوية هذه الجماعة وانتمائها، فقد كشف الواقع الميدانى عن أن جماعة البرامكة حاولت على مدار فترات طويلة الاحتفاظ بكل ما يساعدها على البقاء والاستمرار بجانب ثقافة المجتمع الذى تعيش فيه ؛ حيث جمعت بين لهجتها الأصلية ولهجة المجتمع الجديد، وفى نفس الوقت يستخدمون لهجتهم فيما بينهم، مما يعطى لهم الإحساس بالأهمية الإجتماعية والتواصل التاريخى من خلال استخدام نفس اللهجة التى توارثوها من الأجداد، في حين يستخدمون لهجة المجتمع الجديد عند اتصالهم بأفراده، وهى ضرورة فرضها التعامل مع هؤلاء الأفراد ؛ والإقامة معهم في مجتمع واحد.
- على الرغم من تبنى جماعة البرامكة لعادات الطعام الخاصة بالمجتمع الذى يعيشون فيه ؛ إلا أنهم لا يزالوا يحافظون على عادات الطعام الخاصة بهم، خاصة تلك التى ترتبط بالمناسبات الإجتماعية والدينية ورحلات الصيد، مما يعبر عن اعتزازهم بهذا العنصر الثقافى الذى يدعم العلاقات فيما بينهم، وبين بعضهم من خلال المشاركة في تناول بعض أنواع الطعام التقليدي، والالتزام بآداب المائدة.
- انطلاقاً مما أكدت عليه نظرية الهوية الإجتماعية من أن الطرق التى يتفاعل بها الفرد تتأثر برؤيته لنفسه وللآخرين، فقد أوضحت الدراسة أن رؤية البرامكة لأنفسهم إنما هى رؤية إيجابية تتسم بالتقدير والاعتزازوالفخر بأصولهم وعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم، وبالرغم من ذلك فإن البرامكة يتعايشون مع مجتمعهم وليس هناك ما يعكر صفوهذا التعايش، بحيث يمكن القول بأنهم قد اندمجوا بشكل كامل مع مجتمعهم.
- غير أنه هناك ثمة تضارب بين أبناء البرامكة حول أصولهم وموطنهم الأصلى، فمنهم من يعتقد أنهم من أصول تركية، وأن آباءهم الأوائل كانوا يعملون في خدمة البلاط العباسى، وكانوا من ذوى السطوة والمال، لولا غدر الزمان بهم.
- و منهم من يرى أنهم من أصول فارسية أرستقراطية، وأنهم كانوا يملكون مساحات كبيرة من الأراضى، غير أن الظروف تغيرت بهم وفقدوا أملاكهم، وهام أجدادهم على وجوههم حتى وصلوا إلي منطقة المطرية بمحافظة الدقهلية.
- وسواء كان هذا أو ذاك فإن الدراسة الراهنة تنظر إلي الروايتين بعين الحذر، فكلاهما مجرد رويات تنقل على ألسنة البعض، وليس لها أدلة مادية على الأرض أوحتى في كتب التاريخ، والثابت لدى الدراسة هو أن البرامكة هم جماعة بشرية جاءت من الشرق بثقافة خاصة لاتزال تحتفظ ببعض خصائصها، وعاشت في منطقة المطرية بمحافظة الدقهلية.
- كشفت الملاحظة عن تدهور الحالة الصحية لأعضاء فرقة البرامكة وخاصة كبار السن منهم، وذلك بسبب تلوث مياه بحيرة المنزلة، حيث إن عمليات الصيد التى يقومون بها تتم بشكل بدائى في مجملها، وهو ما يعنى نزولهم إلي مياه البحيرة ؛ والبقاء بها لفترات طويلة، وهو ما يعرضهم لخطر البلهارسيا، والمياه الملوثة بالصرف الصحى والزيوت والعوادم الناتجة عن مراكب ولنشات الصيد، هذا بالإضافة إلي تعرضهم للدغ واللسع والعض من قبل الثعابين والحشرات والفئران، وفى هذه الحالة يتعرضون إما للموت أو لأمراض الجرثوميةخاصةً مع ضعف الخدمة الصحية المتاحة امامهم سواء في المستشفيات الحكومية، أوالمستوصفات الخاصة، بالإضافة إلي ارتفاع تكلفة الخدمة الصحية والعلاجية بشكل يعجز عنه أعضاء الفرقة في معظم الأحيان، كل ذلك أسباب مباشرة لتردى الحالة الصحية لغالبية أعضاء الفرقة.
- لاحظت الباحثة أن هناك اختفاءاً واضحاً للمرأة لدى البرامكة ؛ سواء في عمليات صيد الأسماك ورحلات الصيد، أو في الفن والغناء الذى تقدمه فرقة البرامكة، حيث إن دور المرأة عند البرامكة هو دور تقليدى خالص، لا يتعدى الأعمال المنزلية ورعاية الأبناء، والقيام ببعض الأنشطة الاقتصادية خارج البيت كبيع الأسماك، وصناعة وبيع الكابات (السّدة) وبعض الأعمال التجارية، مثل بيع الخضراوات والبقالة ومحال الملابس والأحذية.
- من أهم النتائج التي توصلت اليها الباحثة هي اهمية التقنيات الحديثة سواء (التصوير الفيديو والفوتوغرافي) وانهما أنسب أدوات الجمع المرئي لحفظ التراث وارشفة المادة الفولكلورية.
- كشفت الدراسة من خلال المقابلات عن وجود خمس شفاطات جاءت من دولة الامارات الي البحر المتوسط وتم جلب حتي الآن ثلاثة إلي بحيرة المنزلة لتنظيف البحيرة من الصرف الصحي ومن ورد النيل. مما يؤدي الي جلب انواعاً مختلفة من الاسماك وهذه الشفاطات بدأت العمل في شهر مارس 2018، ومن خلال مقابلات احد الصيادين لاحظت الباحثة أن البعض سعيد بوجود الشفاطات والبعض الآخر غير سعيد من وجود الشفاطات وخاصة صيادين المزارع حيث تم هدم المنازل الموجودة علي الشاطيء. وبعض الصيادين يقولون دخول انواع من الاسماك يتطلب انواع اخري من العزل وفتح البواغير يؤدي الي تغير المراكب الخاصة بهم لانها غير مؤهلة لذلك.
- ولقد استعانت الباحثة بالتصوير الفيديو بأحدث الكاميرات ونوعها (5D) لعمل فيلم إثنوجرافي يوضح حياة جماعة البرامكة أثناء الحفلات ورحلة الصيد وشكل المنازل والمرافق وأدوات الصيد والزّي والآلآت الموسيقية.
- من هنا يظهر اهمية التصوير الحركي وعمل فيلم إثنوجرافي كوسيلة الاتصال الجماهيري للتعبير عن الظواهر الفولكلورية. وقامت الباحثة بالاستعانة بقريق كامل متخصص في الميديا (مدير التصوير – ومهندس صوت – ومونتير – وانتاج).