Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
نحو نظرية عامة
لانعدام المسئولية الجنائية /
المؤلف
وليد سعد الدين محمد
هيئة الاعداد
باحث / وليد سعد الدين محمد
مشرف / جميل عبد الباقى الصغير
مشرف / مصطفى فهمى الجوهرى
مناقش / إبراهيم عيد نايل
الموضوع
القانون الجنائى.
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
389ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الجنائى.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 389

from 389

المستخلص

مقدمة
يعد البحث فى المسئولية الجنائية من أدق البحوث القانونية وأشقها، لأن المسئولية ليست مشكلة قانونية بقدر ما هى مشكلة إنسانية، وهى مشكلة عامة فى الزمان وفى المكان وعلى صعيد الفكر الإنسانى بكل صوره وألوانه( )، فالبحث فيها ليس وليد عصر ولا شعب ولا دين ولا فكر بعينه، وإنما البحث فيها كان – ولا يزال – شغل الإنسان منذ كان الإنسان وأياً ما كان فرع تخصصه، بل أياً ما كان قدر ثقافته، ومن هنا تكمن الصعوبة فى تناول الموضوع( ).
وتعتبر نظرية المسئولية هى العمود الفقرى فى النظام القانونى كله، وهى ليست فكرة قانونية فحسب، بل هى نظام اجتماعى يرتبط بعلوم شتى من بينها القانون( ).
”إن تحديد أساس المسئولية الجنائية يعتبر أمراً لا غنى عنه عند رسم السياسة الجنائية، فهو الذى يبين الشروط الواجب توافرها لقيام المسئولية، وهو الذى يحدد كنه رد الفعل الاجتماعى إزاء الجريمة، وهل يقتصر على العقوبة أو التدبير الاحترازى أو يمكن الجمع بينهما.
وتبرز أهمية تحديد أساس المسئولية بصفة خاصة بالنسبة لطوائف المجرمين، الذين يشكل سلوكهم وحالتهم الخاصة خطورة على المجتمع كذوى الاضطرابات النفسية والعقلية الذين يؤثر مرضهم على سلوكهم الاجتماعى.
واحتلت دراسة المسئولية الجنائية مكاناً مهمًا فى بحوث القانون الجنائى لاتصالها بتاريخ هذا القانون من ناحية، ودقة وصعوبة القضايا التى تثيرها من ناحية أخرى( ).
فالمسئولية الجنائية بوصفها شرط الجزاء الذى يرتبه القانون على إسناد الجريمة مادياً إلى الجانى لا تعدو أن تكون فى جوهرها، وفى مبناها، وفى نتائجها إعمالاً لحق العقاب ولذلك فإن دراستها ترتبط بدراسة هذا الحق( ).
والمسئولية الجنائية لا تقوم بإرتكاب خطأ شخصي مسند إلى الجانى، سواء أكان هذا الخطأ عمدياً أم غير عمدى، وينبغى فى هذا الخطأ أن يكون على درجةمن الجسامة ليعتبر علة للتجريم، ومصدراً اجتماعياً للجزاء الجنائى، وهذا الجزاء يتميز أيضاً بأثارة المهمة بالمقارنة بالجزاء المدنى أو الإدارى، لكونه وثيق الصلة بحرية الأفراد وكرامتهم ومستقبلهم، هذا بالإضافة إلى اتصاله بحياتهم فى بعض الصور، ولذا فهو يثير من الاعتبارات الدقيقة ومن أوجه الخلاف فى الرأى ما لا يثيره عادة الجزاء المدنى أو الإدارى( ).
ولقد اختلفت مدارس الفكر الجنائى الوضعى فى موقفها من أسس المسئولية الجنائية، ومن الشروط القانونية اللازمة لأعمالها اختلافاً جوهرياً مرده إلى اختلاف موقفها من الظاهرة الإجرامية على وجه العموم.
وهناك ثلاثة تيارات فكرية رئيسية متميزة برزت فى تاريخ الفكر الجنائى الوضعى.
الاتجاه الأول وهو فكر المدرسة التقليدية، والاتجاه الثانى فكر المدرسة الوضعية، والفكر الأخير هو فكر مدرسة الدفاع الاجتماعى.
أما اعتبار التمييز أساساً للمسئولية، فسنده قول الرسول صلى الله عليه وسلم ”رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبى حتى يحتلم، وعن النائم حتى يصحو، وعن المجنون حتى يفيق( )، فهذا الحديث الذى يقرر امتناع المسئولية فى الحالات السابقة لتخلف التمييز، وبصفة خاصة انتفاء مسئولية الصبى والمجنون، يقرر فى الوقت ذاته أن التمييز أصل للمسئولية لا تقوم بدونه.
واعتبار حرية الاختيار شرط ثانى للمسئولية سنده قول الله تعالى ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﭼ ( ) وقوله تعالى: ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ”رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”( ).
والشريعة الإسلامية السمحاء ترفض أن يساءل غير الإنسان جنائياً لذلك، يفترض إسناد المسئولية إلى التمييز وحرية الاختيار حصرها فى الإنسان، إذ هو الذى يتصور توافر هما فيه ولديه.
ويعتبر التميز هو مناط المسئولية الجنائية، أى إن الجانى لابد وأن يتمتع بقدر معين من الإدراك والتمييز حتى نستطيع مساءلته عن نشاطه الإجرامى، ولهذا اهتمت الأنظمة القانونية دائماً بتحديد سن التمييز أولاً، ثم مراحل الإدراك وما يجب أن يقابلها من رد فعل اجتماعى سواء أكان فى صورة عقاب أم فى صورة تدبير احترازى.
فاتجهت معظم التشريعات لتحديد سن التمييز ببلوغ الطفل عددًا معينًا من السنوات، دون النظر إلى ما إذا كان وصوله إلى هذا العدد قد جعله مميزاً فعلاً لأفعاله من عدمه، وبالتالى لانعقاد مسئوليته وإمكانية مساءلته عما يرتكب من أفعال( ).
ومثلما كان الاختلاف فى سن التمييز الجنائى بين مختلف التشريعات والأنظمة القانونية، كان دائماً وأبداً وحتى يومنا هذا الاختلاف فى سن المسئولية الجنائية ومراحلها المختلفة، بل إن الدول قد رفعت من هذه السن وخفضت منها بحسب تطور الحياة الاجتماعية ومدى الخبرة وإدراك وتمييز الشباب، بل ومدى ما يمكن أن يترتب على خفض أو رفع سن المسئولية من آثار، وفى الواقع فإن تحديد سن المسئولية الجنائية لا يتم بطريقة عشوائية تحكمية، ولكنه يتوقف على أبحاث نفسية واجتماعية تحدد درجة الحنكة الاجتماعية la maturation sociale التى يتمتع بها شباب دولة معينة فى ظروف معينة والتى على أساسها تحدد هذه السن.
ولا يكفى لقيام المسئولية الجنائية أن يكون الفعل المكون للجريمة صادراً عن إرادة مدركة مميزة، وإنما يلزم فوق ذلك أن يكون ذلك الفعل وليد إرادة حرة، وإلا أضحت المسئولية الجنائية قدراً محتوماً على كل ما يتسبب فيه المرء من نتائج مادية وتجردها بذلك من طابعها الإنسانى( ).
فمن المعلوم أن الجانى هو الطرف الإيجابى فى الجريمة، ومحل المسئولية الجنائية، إذ هو المرتكب للفعل المادى، وهو الذى يجب أن يتوافر فيه القصد الجنائى، وهو الخاضع للعقوبة المقررة للجريمة.. لذلك كله يجب أن يكون حراً فى اختياره لأفعاله كما يجب أن يكون مدركاً لها( ).
وموانع المسئولية هى الأسباب التى تؤثر فى أهلية الشخص فتجعله غير صالح قانوناً لتحمل تبعة الجريمة التى ارتكبها، ولما كان مدار الأهلية على التمييز وحرية الاختيار فإن المسئولية تمتنع بامتناع أحدهما، أما تخلف الموجب – وهو الجريمة – فلا يعد من موانع المسئولية الجنائية، وذلك لعلة منطقية هى أن المانع يضاد الموجب ويعطل أثره فلزم أن يكون أمراً غيره، ولهذا فالبحث فى موانع المسئولية يقتضى بحكم الضرورة العقلية أن تكون ثمة جريمة وقعت وأن تقوم بالفاعل علة تجعله غير أهل لعقوبتها، ومؤدى ذلك أن تخلف الركن المادى أو المعنوى أو وجود أحد الأسباب المبيحة لا يمنع المسئولية الجنائية، وإن كان كل منها يمنع من قيام الجريمة.
ولهذا تعتبر موانع المسئولية هى تلك العوامل التى يترتب على توافرها تخلف الجانب الإرادى فى الجريمة، فلا يعد الفعل المكون لهذه الأخيرة ثمرة للإرادة الحرة، الواعية والآثمة، فهى إذن عوارض تلحق بإرادة الشخص فتجردها من قيمتها القانونية، ومن ثم تحول دون تحميله تبعة الفعل الذى اقترفه من الناحية المادية، ومن قبيل ذلك صغر السن والاضطرابات النفسية والعقلية وحالة الضرورة والإكراه والسكر غير الاختيارى( ).
فموضوع المسئولية إذن من البديهى أنه يتناول الإنسان، وساحة سلوكه فى الحياة فى نطاق الهيئة الاجتماعية وهى البيئة التى يمارس فيها الإنسان نشاطه، بحيث يخضع لقوانين نظمها المجتمع، ولئن كانت القوانين فى الحياة تشمل جميع الموجودات الطبيعية، بيد أن هذه الموجودات تختلف من حيث حركتها، فهى لا تتحرك بإرادتها، على خلاف الإنسان، الذى يتحرك بإرادة عاقلة تجعله مسئولاً تجاه أفعاله طبقاً لمخالفته لهذه القوانين( ).
أهمية البحث:
ترجع أهمية الدراسة إلى إلقاء الضوء على حالات انعدام المسئولية الجنائية بصفة عامة، فالمسئولية الجنائية تقوم على التميز والاختيار، فإذا فقد الإنسان أحدهما رفع عنه التكليف ورفعت عنه المسئولية الجنائية( ).
وقد كانت هناك اهتمامات تشريعية بالحالات التى تؤدى إلى انعدام المسئولية الجنائية وتأثيرها على حرية الإدراك والاختيار وتطورت النصوص التشريعية وأخذت فى النمو على مراحل متعاقبة، فتحديد مدى توافر الأهلية الجنائية واستحقاق العقاب. والأهلية الكاملة للمسئولية الجنائية تتطلب توافر الإدراك وحرية الاختيار( ).
فإن توافر الإرادة ذات قيمة قانونية وأن انتفيا أو انتفى أحدهما فالإرادة ليس لها قيمة قانونية، فالمسئولية الجنائية تنعدم وليس للعقوبة محل.
أما إن انتقص القدر المتوافر منهما أو من أحدهما، انخفضت القيمة القانونية للإرادة، واستتبع ذلك الانتقاص من الأهلية للمسئولية الجنائية وتخفيف العقوبة فى حدود ذلك( ).
ولما أن الجريمة ليست كياناً مادياً خالصاً قوامه الفعل وآثاره ولكنها ذات كيان نفسى، فلا يسأل شخص عن جريمة ما لم تقم علاقة بين مادياتها ونفسيته ضماناً لتحقيق العدالة الجنائية، كما لا يسأل إلا إذا انتهجت إرادته إلى ماديات أسبغ الشارع عليها صفة غير مشروعة، أى أن المسئولية الجنائية هى حصيلة جميع أركان الجريمة لا الركن المعنوى وحده( ).
ويتضح من ذلك أن نظرية انعدام المسئولية الجنائية من الموضوعات الشائكة التى تحتاج إلى البحث المتعمق الذى يغوص فى أعماق القانون الجنائى هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يتضح مدى أهمية هذه النظرية وما يرتبط بها من موضوعات.
ولهذا فكرت فى محاولة التصدى للبحث فى الحلول التى وضعتها تشريعات مختلفة، والحلول التى يجب أن تضعها تشريعات أخرى أحجمت عن التعرض لهذه المشاكل خصوصاً بعض التشريعات العربية.
صعوبة البحث:
تكمن صعوبة البحث فى أن ليس الهدف منها هو الدفاع عن المتهمين، وإنما الدفاع عن الأبرياء بغية درء الظلم عنهم ومنع أى اعتداء على حقوقهم وحرياتهم، وذلك لأن المسئولية الجنائية من الركائز الأساسية التى يقوم عليها القانون الجنائى برمته( ).
ويعنى ذلك أن هذه الدراسة تتيح الإلمام بأسباب انعدام المسئولية الجنائية وأثر ذلك على الحقوق والحريات فالمسئولية الجنائية وعلى الرغم من أهميتها فقد أغفل القانون رسم معالمها، سواء فى القانون المصرى أم فى القانون المقارن، واكتفى بالإشارة فى نصوص متفرقة إلى بعض أحكامها.
وتتمثل صعوبة البحث فى قلة المراجع الأجنبية الحديثة التى تناولت موضوع الرسالة، وكذا قلة المراجع العربية الحديثة وأحكام المحاكم المتعلقة بانعدام المسئولية الجنائية.
منهج البحث:
اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي المقارن وفقًا لما تقتضيه كل جزئية من جزئيات هذه الدراسة، كما كانت دراستي مقارنة لمجموعة من التشريعات الصادرة في العديد من البلدان، وكذلك ما جاءت به الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع، سواء من الناحية النظرية أم من الناحية التطبيقية، وذلك ببيان موقف النظم المختلفة والشريعة الإسلامية في كل جزئية وعقد مقارنة بين كل منهم.
خطة البحث:
مقدمة.
الفصل التمهيدى : التعريف بالمسئولية الجنائية.
المبحث الأول : مفهوم المسئولية الجنائية.
المبحث الثانى : أساس المسئولية الجنائية.
المبحث الثالث : محل المسئولية الجنائية.
الباب الأول : عناصر المسئولية الجنائية.
الفصل الأول: الإدراك.
المبحث الأول : ماهية الإدراك ومراحله.
المبحث الثانى : مراحل الإدراك.
الفصل الثانى : حرية الاختيار.
المبحث الأول : حرية الاختيار فى المذاهب الفقهية المختلفة.
المبحث الثانى : حرية الاختيار فى الفقه الإسلامى.
الباب الثانى : حالات انعدام المسئولية الجنائية.
الفصل الأول : انعدام المسئولية الجناية لعيب فى الإدراك.
المبحث الأول : الاضطرابات النفسية والاضطرابات العقلية.
المبحث الثانى : صغر السن.
المبحث الثالث : السكر.
الفصل الثانى : انعدام المسئولية الجنائية لعيب فى الإرادة ”حرية الاختيار”.
المبحث الأول : الإكراه.
المبحث الثانى : حالة الضرورة.
الخاتمة .
التوصيات.
قائمة المراجع.