Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
نظام العفو في التشريعين الليبي والمصري:
المؤلف
الودان، انتصار قاسم سالم.
هيئة الاعداد
باحث / انتصار قاسم سالم الودان
مشرف / نبيل مدحت سالم
مشرف / جميل عبدالباقي الصغير
مناقش / إبراهيم عيد نايل
الموضوع
قانون جنائى.
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
462ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قانون جنائى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 460

from 460

المستخلص

لا شك في أن الجريمة تمثل اعتداء على المجتمع قبل وقوعها على المجني عليه، ومن ثم ينشأ للدولة حق في توقيع العقاب بعد قيام الجريمة، فالجريمة هي الفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون ويقرر له جزاء جنائياً يتمثل في عقوبة أو تدبير احترازي.
وترتب الجريمة آثار جنائية خطيرة، فعند اتهام شخص ما بالجريمة والتحقيق معه فيها ومحاكمته ثم توقيع الجزاء الجنائي عليه فإن ذلك لا يتم إلا بثبوت المسؤولية الجنائية عليه.
وبالتالي فإن للدولة الحق في العقاب بعد وقوع الجريمة، فالجريمة واقعة مادية يرتب عليها المشرع آثاراً قانونية، ويوقع العقاب على من ثبتت مسؤوليته عن هذا الفعل أو الامتناع عنه، والعقوبة هي الجزاء الذي يقرره القانون باسم المجتمع ولمصلحته، والعقوبة هي الجزاء المقابل للجريمة التي بوقوعها يتزعزع الأمن والاستقرار في النظام القانوني للمجتمع، كذلك فإن الجريمة تهدد شعور العدل لدى الأفراد في الجماعة.
إذا عند وقوع الجريمة ينشأ للدولة الحق في العقاب، ووسيلتها في ذلك الدعوى الجنائية التي تسعى من خلالها إلى استصدار حكم قضائي بات من الجهة المختصة بذلك، وتقوم النيابة العامة بمباشرة إجراءات الدعوى الجنائية التي حددها القانون لاقتضاء حق الدولة في العقاب باعتبارها الممثل القانوني لأفراد الدولة، ولكن على الرغم من ثبوت هذا الحق للدولة بعد وقوع الجريمة فقد تنقضي دون اقتضاء.
وحق الدولة في العقاب هو حق قضائي يتطلب صدور حكم بات من القضاء المختص الذي يكشف عن نشأته ويؤكد وجوده محددا العقوبة ونوعها ومدتها، ثم تباشر الدولة مجموعة من الإجراءات الجنائية المتعددة والمتلاحقة التي تثبت لها هذا الحق، والذي يوقع على مرتكب الجريمة بحد ذاته دون غيره.
وتمثل العقوبة في الفقه الإسلامي ذلك الجزاء الذي تقرره الشريعة ليوقع على من يرتكب عصيانا لأوامر الشرع، وهذا الجزاء فيه مصلحة للفرد ومصلحة للمجتمع في آن واحد، فالعقوبة أذى يلحق الجاني شرعاً لدفع المفاسد ودفع المفاسد يحقق في ذاته مصلحة وهو يقدم على جلب المصالح، وبهذا فإن العقوبة تكون بالقدر المناسب الذي يحقق العدالة، فالعقوبة مهما كانت قاسية فهي في نهاية الأمر محددة ولا تلاحق المجرم طول حياته.
والطريق الطبيعي لانقضاء العقوبة هو تنفيذها حتى يتحقق الردع الخاص والردع العام من ناحية، ومن ناحية أخرى حماية المصالح العامة والخاصة وتحقيق العدالة، وتتعدد الأسباب المؤدية إلى انقضاء العقوبة، وقد تنقضي العقوبة على الرغم من عدم تنفيذها، وتتعدد الأسباب في ذلك فقد تنقضي بمرور الزمن، أو وفاة المحكوم عليه، أو بالعفو عنها.
فقد يرى المشرع في العدول عن تنفيذ العقوبة أموراً تقتضيها مصلحة المجتمع، وهي تحقق أهداف العقوبة على الرغم من عدم تنفيذها. ويعتبر نظام العفو هو أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى العدول عن تنفيذ العقوبة.
ونظام العفو لا يقف عند حد كونه سبباً من أسباب عدم تنفيذ العقوبة بل أيضا قد يمنع من رفع الدعوى الجنائية عن الفعل المرتكب، وهذا ما يعبر عنه المشرع بالعفو الشامل – العام - ويكون العفو خاصا ً– العفو عن العقوبة - عندما يقتصر على الإعفاء من تنفيذ العقوبة مع الإبقاء على حكم الإدانة وصفة الجريمة، والعفو القضائي صادر عن القضاء، وعفو ولي الدم في القانون الجنائي الليبي، ونظام العفو هو نظام قديم قدم التاريخ الإنساني.
والله - سبحانه وتعالى- عفو يحب العفو ويحب أهل العفو، وقد جاء ذكر العفو في العديد من الآيات القرآنية في قوله تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾( ).
إن العفو قرينة التقوى وكل من كان أقوى في العفو كان أقوى في التقوى ومن كان كذلك كان أفضل لقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾( ). وقد ذكر ”الزبيدي” في كتابه تاج العروس الفرق بين الصفح والعفو، فقال الصفح: ترك التأنيب، وهو أبلغ من العفو، وأما العفو فهو القصد لتناول الشيء، هذا هو المعنى الأصلي وعليه تدور معانيه( ).
وجاء قوله تعالى ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾( )، وهنا ينصرف إلى معنى الفضل ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾ (ما فضل عن أهلك وعيالك، كان كثيراً أو قليلاً)( ).
وجاء ذكر العفو أيضا في قوله تعالى ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ ( )، وهنا يعطي معنى الترك (عفى له من أخيه): ترك وقيل (العفو) في هذا: أن يقبل الدية في العمد ويترك القصاص( )، ويقول – سبحانه وتعالى- ﴿لَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ ( ).
وتأتي هذه الآيات الكريمة وتعطي للعفو معنى الإسقاط، ومعنى الترك، ومعنى الفضل ما يعني الحث على فضيلة العفو والترغيب فيها.
ثم جاءت السنة النبوية وسطرت أروع الأمثلة في العفو، فبعد فتح مكة خرج رسول الله ”” في العاشر من رمضان 630م، ثم وقف على باب الكعبة والناس أمامه قد اجتمعوا فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا، ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها.
وقال -- لمن آذوه وحاربوه (يامعشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ ( ).
(يامعشر قريش ماتظنون إني فاعل بكم ؟ قالوا: خيرا، أخ كريم، وإبن أخ كريم، قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لأخوته ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ)( ) (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ( ) . فرسول -- يكون بذلك قد أصدر عفوا عاما عن المشركين، حيث كان يعتقد المشركين أن رسول الله -- سوف يجازيهم بأشد العقاب عنما قاموا به من الأعمال السيئة، وقد استثنى الرسول -- أشخاصاً بذاتهم لا يشملهم هذا العفو وأمر بقتلهم أينما وجدوا. لأنهم قاموا بالتحريض ضد الدعوة الإسلامية وتأليب الناس عليها، ولم يكن عفو النبي محمد  وصفحه عن ضعف بل عن قوة، وهو عفو عند المقدرة.
والعفو في النظام الجنائي له حكمته فهو للصفح والتجاوز عن الذنب الذي يرتكبه الفاعل، فالعفو وسيلة لإحداث نوع من التهدئة في النظام الاجتماعي وإسدال ستار من النسيان عن جراحات الماضي الأليم. فهو نظام موجود على مدى التاريخ من الحضارات والتشريعات القديمة، وتنص عليه معظم الدساتير الحديثة. فيعتبر نظام العفو من الضروريات التي تفرض على الحكومات والجهات التشريعية في كل دولة تضمينها في النظام الجنائي لها ، فهو وسيلة مهمة في تضميد الجراح ونسيان الألام التي حصلت في ظروف معينة وذلك بإسدال الستار عليها.
ويعتبر العفو من أبرز وسائل العلاج وأكثرها نفعاً ونحاجاً، وذلك في إصلاح الجاني وإعطائه فرصة العودة والاندماج داخل المجتمع ليكون عضوا صالحا فيه، حيث يترك العفو أثراً في نفوس الناس عند العفو عن بعض المحكوم عليهم في الجرائم التي تشكل اعتداءً على أمن المجتمع ونظامه، ويؤثر ذلك على كل من الأسرة والمجتمع؛ لذلك كانت دراسة موضوع العفو والبحث فيه على قدر عالٍ من الأهمية.
والبحث في موضوع العفو سيكون من خلال ”نظام العفو في التشريعين الليبي والمصري- دراسة مقارنة”، ويقصد بنظام العفو هو العفو عن الجريمة وهو ما يسمى بالعفو الشامل، طبقاً لقانون العقوبات المصري، فقد نصت عليه المادة ”76” منه على أن ”العفو الشامل يمنع أو يوقف السير في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة ولا يمس حقوق الغير إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك”( ).
ويسمى بالعفو العام طبقاً لقانون العقوبات الليبي فقد نصت عليه المادة 106على أنه ” تسقط الجريمة بصدور العفو العام عنها كما تسقط بمقتضاه العقوبات الأصلية والتبعية التي حكم بها، وإذا تعددت الجرائم اقتصر أثر العفو العام على الجرائم المعفو عنها دون غيرها، كما يقتصر سقوط الجريمة بالعفو العام على الجرائم التي ارتكبت قبل صدور قانون العفو العام إلا إذا نص فيه على موعد آخر. ولا يطبق العفو العام على العائدين عودا متكررا في الجرائم المتماثلة ولا على معتادي الإجرام ولا محترفيه ولا المنحرفين فيه، كل ذلك مالم ينص قانون العفو العام على غير ذلك”.( )
وقد يكون العفو عن العقوبة - عفواً خاصاً - وذلك طبقا للمادة 74 من قانون العقوبات المصري والتي تنص على أن ”العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضي إسقاطها كلها أو بعضها، أو إبدالها بعقوبة أخف منها مقررة قانوناً. ولا تسقط العقوبات التبعية ولا الآثار الجنائية الأخرى المترتبة على الحكم بالإدانة مالم ينص في أمر العفو على خلاف ذلك”.( )
أما التشريع الجنائي- الليبي فقد نصت المادة 124 على أن ”العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضي إسقاطها كلها أو بضعها، أو إبدالها بعقوبة أخرى أخف منها مقررة قانوناً، ولا تسقط العقوبات التبعية ولا الآثار الجنائية الأخرى المترتبة على الحكم بالإدانة ما لم ينص مرسوم العفو على خلاف ذلك”.
كذلك نص المشرع الليبي على نوع آخر من العفو وهو عفو ولي الدم تطبيقا لأحكام الشريعة في المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1994م والمعدلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000م على أن ”يعاقب بالإعدام قصاصاً كل من قتل نفسا عمدا، وفي حالة العفو ممن له الحق فيه، تكون العقوبة السجن المؤبد والدية...”.
إضافة إلى ذلك هناك أيضا العفو القضائي والذي يعرف بأنه نظام قانوني يتضمن منح القاضي سلطة الإعفاء من العقوبة.
ولنظام العفو جوانب متعددة دينية وفلسفية وتاريخية وقانونية، وحتى لا ندخل في جميع هذه الجوانب وتضيع بالتالي معالم البحث اقتصر البحث على نظام العفو كما جاء في القوانين الوضعية مع إعطاء لمحة تاريخية عنه وعرض ما جاءت به الشريعة في بعض جزئيات هذا البحث.
• أهمية الموضوع : تكمن أهمية دراسة موضوع العفو من عدة نواح تتمثل في الآتي :
- حاز نظام العفو على اهتمام فقهاء القانون الدستوري باعتباره أحد اختصاصات السلطة التشريعية، كذلك من طرف المختصين في القانون الجنائي كونه أحد أهم أسباب انقضاء الدعوى الجنائية والعقوبة.
- رغم أهمية نظام العفو باعتباره سببا من أسباب انقضاء الجريمة وسقوط العقوبة من ناحية، ومن ناحية أخرى الدور الفعال الذي يقوم به في التشريع الجنائي ودوره الفعال كأحد وسائل التقليل من العقوبات السالبة للحرية إلا إنه لم يتناول بالشكل الكافي، فكان التطرق له من قبل فقهاء القانون بشكل ضيق ومقتضب، حيث نجد أن الدراسات العربية لم تتناوله بشكل كبير، وهذا ما صعب من مهمة الحصول على المادة العلمية محل الدراسة.
- كذلك اعتبار العفو سببا من أسباب انقضاء الدعوى الجنائية وبالتالي زوال الجريمة وسبباً من أسباب سقوط العقوبة قد يثير بعض التشابك والتعارض مع أهم مبادئ القانون عامة ومبادئ القانون الجنائي خاصة، ومن ضمن هذه المبادئ مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ حجية الأحكام القضائية.
- ومما يزيد من أهمية البحث في نظام العفو هو النصوص القانونية التي لم تتعرض إلا للقواعد العامة التي أرسى عليها العفو، فلم يتم تناول نظام العفو بشكل تحدد فيه شروط وإجراءات تقيد السلطة المختصة بإصداره، مما يصعب عملية تقييم التجربة الليبية والمصرية في إصدار قوانين وقرارات العفو، وإبراز التطبيقات العملية له، وتسليط الضوء على الإشكاليات التي تواجه تطبيقه للوصول إلى بعض الحلول لهذه الإشكاليات.
- وتظهر أهمية البحث من الناحية العملية في مدى جدوى نظام العفو والوقوف على الجدل الفقهي القائم بين مناصر لنظام العفو فيسوق إيجابياته ومعارض يبين سلبياته، سواء من الناحية القانونية، أو مدى تأثيره على الأشخاص مما ينعكس على السياسة الجنائية بطبيعة الحال.
- مما يزيد من أهمية البحث في نظام العفو هو تطور نظام العفو بكافة صوره سواء كان العفو العام – أو العفو الخاص و عفو ولي الدم في القانون الليبي، والعفو القضائي، واتساع نطاقه فهو لم يعد مقصورا على العفو عن نوع معين من الجرائم، وبالتالي اقتضى الأمر إبراز آليات تطبيقه.
• صعوبات البحث : إن البحث في هذا الموضوع لم يخل من الصعوبات المتمثلة في الآتي :
- عدم تناول الموضوع بشكل واضح وكاف، سواء من الناحية الفقهية أو من الناحية التشريعية، فعدم توفر الدراسات القانونية المتعمقة والشاملة لموضوع العفو بمختلف صوره، وذلك بشكل تفصيلي وعميق وشامل فهناك نقص كبير في الشرح والتعليق من قبل القضاء والفقه مما يؤدي إلى صعوبة في إبراز وتأصيل وبيان مدى تطور نظام العفو.
- إضافة إلى تشتت أحكام نظام العفو بمختلف صوره بين النصوص القانونية الجنائية المختلفة فهي قليلة ومحدودة مما يزيد من صعوبة البحث في هذا الموضوع ومحاولة وضعه في إطار يمكن معه استيعابه والاستفادة منه.
- ومن أهم الصعوبات التي واجهت الباحثة هي حالة الإضطراب وعدم الإستقرار الأمني الذي تمر بها الدولة الليبية مما أنعكس سلباً على قدرة الطالبة في الحصول على بعض الوثائق القانونية المتعلقة بموضوع الدراسة في القانون الليبي هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى عدم صدور قرارات عفو خاص في ليبيا منذ العام 2010 .
• نطاق البحث : إن موضوع العفو موضوع متشعب ومتعدد الجوانب باعتباره أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى زوال الجريمة وانقضاء العقوبة، لذلك حاولت الباحثة – بعون الله- تحديد النطاق الذي سنتناول فيه هذا الموضوع، حيث يتناول نظام العفو داخل إطار القانون الجنائي الليبي والقانون الجنائي المصري مع الإشارة إلى بعض القوانين المقارنة كلما أمكن ذلك، كذلك سوف نتناول نظام العفو في الفقه الإسلامي فيما يتعلق بعفو ولي الدم الذي نص عليه القانون الجنائي الليبي والمستمد من الشريعة الإسلامية، وبالتالي سوف نتناول بالطرح والتحليل العفو العام والعفو الخاص وعفو ولي الدم، والعفو القضائي كلما أمكن ذلك.
• منهج البحث : وقد اعتمدنا في كتابة هذه الأطروحة على مناهج بحث متعددة منها :
- المنهج التأصيلي إعتمدنا في دراسة البحث على المنهج التأصيلي وذلك من خلال دراسة الجزئيات المختلفة والمتعددة لنظام العفو وفهمها وتحليلها .
- المنهج التحليلي كذلك استعنا بالمنهج التحليلي من أجل تحليل العناصر محل البحث ، وذلك من خلال دراسة وتحليل المبادئ والقواعد العامة التي تحكم نظام العفو .
- المنهج التاريخي حيث لا يمكن دراسة موضوع قانوني دون ربط حاضره بماضيه لإمكانية وضع بعض التوصيات المستقبلية من خلال تطبيقاته في الوقت الحالي، كذلك دراسة الموضوع تقتضي إعطاء لمحة تاريخية عنه لمعرفة مدى التطور التاريخي له، ومن ثم استعراض بعض المراحل التاريخية التي مر بها نظام العفو.
- المنهج المقارن: من ناحية أخرى كان لزاما علينا أن نعتمد على المنهج المقارن لاسيما أن تناول هذا الموضوع سوف يكون في التشريعين الليبي والمصري، وسنحاول ابراز نقاط التشابه والإختلاف بين التشريعين في نظام العفو، وكذلك مقارنة ببعض التشريعات العربية.
• التساؤلات التي يثيرها البحث : إن العفو نظام قانوني تتنازل به الدولة عن حقها في محاكمة الجاني رغم توافر شروط هذا الحق، وبذلك يعتبر سببا لتعطيل تحقق العدالة.
فوجود نظام العفو في القانون الجنائي يتعارض مع فلسفة العقوبة المتمثلة في الردع والتخويف، والعقاب لا يكون كذلك إلا إذا كان متحقق التطبيق هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد أن المشرع سواء الليبي أو المصري قد اقتصر على العموميات، ولم يتطرق إلى الجزئيات التي تعد مهمة بالنسبة لإجراءات العفو التي يتوقف عليها إعفاء المجرم أو المحكوم عليه من العقاب.
من ناحية أخرى عدم تحديد نطاق ممارسة العفو قد يؤدي في بعض الحالات إلى التوسع فيه، وبالتالي إساءة استعماله في نطاقه الصحيح.
وعليـه فإن الإشكال الرئيسي هو ما مدى جدوى نظام العفو في النظام الجنائي وهل يحتاج هذا النظام إلى إدخال تعديلات حتى يعطي نتائج أفضل؟ لتوضيح كل ذلك فإن الأمر يحتاج إلى الإجابة عن بعض التساؤلات والمتمثلة في مفهوم نظام العفو؟ وماهي خصائصه وطبيعته؟ وماهي مبررات وجوده؟ وما هو نطاقه؟ كذلك ما هي الأداة القانونية لإصداره؟ وماهي الآثار التي يرتبها ؟.
• خطة البحث: من أجل تناول هذا الموضوع اعتمدنا على خطة بحث حاولنا أن تكون متناسبة ومتوازنة في أجزائها، وهي خطة ثنائية مقسمة إلى بابين، وكل باب تم تقسيمه إلى فصلين، حيث احتوى البـاب الأول على الأحكام الموضوعية لنظام العفو، واشتمل هذا الباب على فصلين، تناولنا في الأول مفهوم نظام العفو، وعرضنا في الثاني: أحكام نظام العفو، أما الباب الثاني تناولنا فيه الأحكام الإجرائية لنظام العفو حيث تضمن فصلين، عالجنا في الفصل الأول إجراءات العفو وبحثنا في الفصل الثاني آثار العفو