Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
”الإسناد” في اليهودية :
المؤلف
خليفة، ياسمين محمد احمد.
هيئة الاعداد
باحث / ياسين محمد أحمد خليفة
مشرف / ليلى إبراهيم أبو المجد
مشرف / رضا زكريا محمد عبد الله حميدة
مناقش / احمد محمود عطوة
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
224ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الأدب والنظرية الأدبية
تاريخ الإجازة
6/12/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العبرية وادابها
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 224

from 224

المستخلص

للمرويات التاريخية أصول نظر، ولها طرائق ونظريات في البحث والنقد، ومن نظريات نقد المرويات هذه نظرية الإسناد، بل هي من أهم نظريات النقد عند المُحَدِّثين المسلمين، وهي نظرية يمكن من خلالها التمييز بين صحيح المرويات وضعيفها ومعرفة المقبول منها والمردود وجوهر هذه النظرية والأساس الذي تقوم عليه هو: ”إحالة القول إلى قائله عن طريق الرواة والنقلة”، وقد عرّف علماء الحديث الإسناد بأنه ” نقل سلسلة من الرواه واحدا عن الآخر للحديث أو الخبر حتى يبلغوا به إلى قائله ”، أو كما عرفها مرجليوث (المستشرق البريطاني اليهودي 1858-1940م) بأنها ”منهج من مناهج ضمان صحة الخبر أو الحدث، وهي عبارة عن سلسلة من الرواة الذين يمكن تتبع أثار الرواية عن طريقهم إلى شاهد العيان الأصلي”.
و شغلت هذه النظرية كثيرًا من المفكرين على مدى قرون عديدة، حيث ظهر العديد من التساؤلات حول إمكانية تحققها في الواقع، وكذلك الأسس التي قامت عليها، ولقد عرف منهج النقد التاريخي الأوروبي فكرة الإسناد، ولكنه لم يتخيل إمكانية نقد الخبر عن طريق الإسناد في الواقع العملي، يقول لانجلو وسينوبوس: ”هذا البحث عن الشاهد الأصلي ليس ممكنًا من الناحية المنطقية، فمجاميع الروايات العربية القديمة تأتي بأسانيد الرواية، لكننا في الواقع العملي نفتقد دائما إلى معلومات عن السند ترتفع بنا إلى الشاهد الأصلي، فتظل المشاهد مجهولة الصاحب ”.
وترى الدراسة أن عدم قدرة المنهج الأوروبي على تصور إمكانية نقد الخبر عن طريق الإسناد، يعود بلا شك إلى ابتعاد المنهج الأوروبي عن استخدام مثل هذا المنهج في نقل المرويات ونقدها، ويكفي مطالعة تلك الثروة الهائلة من الكتب التي تناولت التأريخ للمحدثين المسلمين وترجمت للرواة في كل القرون التاريخية والتي تعرف بكتب الرجال أو كتب الطبقات للتعرف على الكيفية التي تمكنوا من خلالها التمييز بين صحيح المرويات و ضعيفها والوقوف على الأسس والآليات التي استخدمها علماء الحديث المسلمون للوصول لذلك.
ونظرا لأهمية الإسناد في التحقق من صحة الخبر، سعى اليهود إلى إثبات نسبة الشريعة الشفهية إلى موسى (عليه السلام) اعتمادا على هذه النظرية، وذلك عن طريق وضع سلسلة من الرواة في باب فصول الآباء (أحد أبواب كتاب الأضرار أو سيدر نزيقين في المشنا)، تبدأ هذه السلسلة بقولها: تسلم موسى عليه السلام الشريعة في سيناء وسلمها مشافهة ليشوع، ثم سلمها يشوع بن نون إلى الأنبياء، الذين سلموها إلى رجال المجمع الكبير، ومنهم إلى الحكماء، ثم سلمها الحكماء إلى العلماء الأزواج الذين سلموها بدورهم إلى من بعدهم، حتى قام يهودا هناسي بتحريرها في بداية القرن الثالث الميلادي.
ولقد دأب اليهود على التأكيد على صحة سلسلة التلقي هذه، لذلك أولوا باب فصول الآباء عناية فائقة، ويكفي للتدليل على ذلك مطالعة التفاسير التي انهالت عليه ابتداءً من راشي (רש’’י ،רבי שלמה יצחקי 1040 -1105 م) وموسى بن ميمون (משה בן מימון 1135م _1204م) وإلى الآن، إذ بلغت تلك التفاسير على مدى الألف سنة الأخيرة أكثر من مائتي تفسير، واعتاد اليهود على قراءة فصول الآباء في المعبد أيام السبت التي بين عيد الفصح وعيد المظال بعد صلاة المنحا (الأصيل). و من الجدير بالذكر كذلك، أن باب فصول الآباء هو الباب الوحيد الذي قام اليهود بترجمته إلى العربية، فقد ترجمه شمعون مويال، وذلك في بداية القرن العشرين.
وفي سعي اليهود إلى التأكيد على سلسلة الرواة هذه، قام موسى بن ميمون بإعادة صياغة هذه السلسلة وتقديمها مرة أخرى في مقدمة كتابه”تثنية الشريعة” (משנח תורה) ولم يكتف بذلك بل كررها مرتين، فأتى بها بترتيب تصاعدي في المرة الأولى، وبترتيب تنازلي في المرة الثانية، كما أكمل النقص الوارد في باب ”فصول الآباء”، فذكر أسماء الأنبياء، ورجال المَجْمع الكبير، والتي أغفلها باب ”فصول الآباء”، موضحا أنهم تناقلوا الشريعة كاملة جيلا بعد جيل منذ موسى عليه السلام، كما ذكر أنه كان مع كل راوٍ رجال دار القضاء في عهده، وهؤلاء يصفهم موسى بن ميمون بأنهم كانوا عشرات الآلاف في كل جيل، ولم يكتف موسى بن ميمون بذلك، بل نسب الكتب التشريعية التي ظهرت بعد تدوين المشنا مثل، التوسفتا ”תוספתא” (ملحقات المشنا)، والبرايتا ”בריתא” (التشريعات التي لم يدرجها يهودا هناسي ضمن كتاب المشنا)، وسفري”ספרי” و سفرا”ספרי”(وهما كتابان لتفسير الأحكام في سفر اللاويين وسفر التثنية) والتلمود البابلي، والأورشليمي، فقد نسبهم جميعا إلى مؤلفين واعتبرهم امتدادًا لسلسلة التلقي، أي أنه نسب كل ما في هذه المؤلفات من تشريعات إلى موسى عليه السلام وهو ما دفعنا إلى البحث عن الإسناد في اليهودية والبحث عن مدى صحته وامكانية تطبيقه في اليهودية من عدمة، خاصة، أنه إذا نظرنا إلى صفحات التلمود فإننا سنجد العديد من المصطلحات الفقهية التي قد يفهم منها أن هناك إسنادًا، و أن الحكماء، ومحرر المشنا قد اعتمدوا عليه في رواياتهم، ومن هذه المصطلحات على سبيل المثال لا الحصر، ”אמר רבי פלוני אמר רבי פלוני ”(قال الربي فلان قال الربي فلان) وهو مصطلح فقهي يأتي كاستهلال لرواية يكون الحاخام قد نقلها سماعا من فم قائلها مباشرة، وعادة يكون معلمه، و” אמר רבי פלוני משמיה דרבי אלמוני ” أو ”משום רבי פלוני” ويأتي هذا المصطلح كاستهلال لرواية لم يسمعها الحاخام من فم قائلها مباشرة ولكن رويت له من آخرين، وأحيانا يفصل بينهما عدة أجيال، وهناك مصطلح آخر وهو ”אמרי לה כדי” ويستخدم كاستهلال عند رواية التشريع بشكل مبهم دون ذكر اسم قائله.
وهناك العديد من الأسئلة في التلمود عن الرواة، وعمن سمع منه المشرع روايته، مثل ”מנא הא מילתא דאמר רבנן؟ ”وهو سؤال عن مصدر الأقوال التي قالها الحكماء، و”מנא תימרא ؟”وتعني (من أين قلت هذا؟)، و” מנו؟، מני؟” وهو سؤال عن القائل.
وهناك كذلك العديد من الأقوال الافتتاحية التي كان يقولها الحكماء قبل قراءتهم للتشريع توحي بأنهم كانوا يميزون بين ما هو مروي، وبين ما كان من رأيهم، مثل،”מן אלפן” أي أن ما يقوله جاءه عن طريق الرواية، أو ” מן דעה” أي أن ما يقوله من رأيه، و ”מנא אמינה לה” وهي بادئة لأقوال أمورائي يأتي بمصدر أقواله التي قالها قبل ذلك، فيقول من أين أتيتُ أو قلتُ هذا التشريع أو الرواية.
فهذه المصطلحات وإن كانت تشير إلى منهج معين اتبعه علماء اليهود في مناقشاتهم فهي لا تؤكد أو تثبت اتصال هذه الروايات بموسى عليه السلام.
ويهدف البحث في ضوء ما سبق إلى دراسة كيفية نقل المرويات عند اليهود والأسس التي اعتمدوا عليها، ومناقشة تلك الأسس في ضوء قواعد علم الإسناد المتعارف عليها عند علماء الحديث المسلمين وهي القواعد الأساسية التي يجب العمل بها اذا ما أرادت أي طائفة أو جماعة استخدام هذا المنهج في نقل المرويات.
كما سيتناول البحث مسألة تدوين الشريعة الشفهية في اليهودية، والطريقة التي رتبت بها أبواب المشنا فمن اللافت أن باب عدايوت ”עדיות”(الشهادات) - الباب السابع من كتاب الأضرار في المشنا - كان وما زال مثارًا للجدل حول أسبقية أو عدم أسبقية تدوينه بالنسبة لباقي أبواب المشنا، وهو باب يتضمن أحكاما وتشريعات عامة، ذكرت بالتفصيل في أبواب أخرى، ولكنها جاءت في هذا الباب في شكل مجموعات، كل مجموعة تحمل اسم من نقلها وشهد عليها لهذا سمي الباب باسم ”عدايوت” أي ”الشهادات”، لكن تلك التشريعات تتفق أحيانا، وتختلف في أحيان أخرى مع باقي المشنا فهناك اختلافات تصل إلى حد التناقض بين تشريعات المشنا، بالاضافة إلى فتاوى صدرت من دار القضاء، ومن الكاهن الأكبر، وتتضمن أخطاء من ناحية التشريع والتي يتناولها باب هورايوت ”הוריות” (الباب العاشر من كتاب الأضرار في المشنا) تجعلنا نتساءل عن الأسس التي اعتمد عليها علماء المشنا في تنقية تلك الأحكام والتشريعات التي نقلت مشافهة عن طريق الرواية، وأخطاء النقل، وكيف تعاملوا معها.
وسيتناول البحث كذلك الأسباب التي دفعت اليهود إلى الاهتمام برواة الشريعة الشفهية، وما إذا كان هناك اتصال بين كل راوٍ ومن نقل عنه أم لا، كما سيلقي البحث الضوء على المصادر التي أوردت سلسة رواة الشريعة الشفهية، وهي باب ”فصول الآباء” في المشنا و مقدمة كتاب ”تثنية الشريعة” لموسى بن ميمون، وجدير بالذكر، أن باب فصول الآباء قد أثيرت حوله العديد من التساؤلات، لأنه لا ينتمي إلى مادة المشنا من ناحية المضمون، أي أنه من نسيج آخر، ولا يحتوي على تشريعات مثل باقي أبواب المشنا، لكن يحتوي على حكم وأقوال مأثورة علاوة على أن لغته هي الأخرى تختلف عن لغة المشنا.
وهناك آراء ترجح أن باب فصول الآباء قد تمت إضافته إلى المشنا عن عمد، وذلك في عصر الجاؤنيم ”גאונים” (وتعني العظماء)، في فترة ما بين القرنين السابع الميلادي والحادي عشر الميلادي، وبالتحديد بعد ظهور ”عنان بن داود” مؤسس طائفة القرائين (أواخر القرن الثامن الميلادي) في العراق.
ويتناول البحث كذلك العلاقة بين باب فصول الآباء وباب آفوت ربى ناتان”אבות רבי נתן”، والذي يشبه نسيج كل منهما الآخر، وهو باب اعتبره البعض من ملحقات المشنا في حين اعتبره البعض الآخر ”برايتا”(مشنا مستبعدة أو خارجة).
ومن الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع:
1- السبب الأساسي الذي دفعني إلى اختيار هذا الموضوع هو لكي أجيب على السؤال الذي يتردد سواء بين الدارسين أو العامة حول حقيقة (المشنا والتلمود) أو الشريعة الشفهية اليهودية، وهل تساوي أو تناظر الحديث النبوي عند المسلمين، وهل يرجع سندها إلى موسى عليه السلام، أي هل التراث الشفهي اليهودي مرفوع السند أو متصل السند إلى موسى عليه السلام؟
2- أن أوضح السبب الحقيقي الذي دفع اليهود إلى وضع سلسلة للتلقي أو الرواية، وإدراجها في كتاب المشنا.
3- أن أوضح الآثار التي ترتبت على عدم وجود منهج للإسناد في نقل المرويات في اليهودية.
4- لكي أصد الهجمة الشرسة التي تتعرض لها نظرية الإسناد في الإسلام والطعن في الرواة رغم قيامها على أدق الأسس العلمية والنقدية، ولكي أوضح سبب إحتفاء المستشرقين بسلسلة الإسناد اليهودية التي يفصل بين الراوي والآخر فيها عدة قرون، لذلك تأتي هذه الدراسة لتبين بعضًا من الفروق التي بين الإسناد في الإسلام وبين طرق نقل المرويات في اليهودية، ولتوضح حقيقة المزاعم التي يروج لها المستشرقون ضد الإسلام لإعلاء شأن اليهودية.
5- أن أزود المكتبة العربية، والباحث الذي لا يعرف العبرية بمرجع يعينه على فهم حقيقة تلك المزاعم التي يروج لها المستشرقون والتي لا تقوم على أسس علمية سليمة، والتي تتضح جلية عند مناقشة مسألة الإسناد في اليهودية.
وسوف يعتمد البحث على المنهج التأصيلي النقدي، بهدف إلقاء الضوء على الأسس التي قامت عليها الرواية عند اليهود ونقدها في ضوء نظرية الإسناد عند المحدثين المسلمين.
يتكون البحث من مقدمة وتمهيد و بابين، وبيانها على النحو التالي:
الإسناد في اليهودية
دراسة تأصيلية
المقدمة: وتضم تعريفًا بمصطلح الإسناد، وسبب اختياري الموضوع، وبيان الخطة، والمنهج المتبع.
تمهيد: يتضمن تعريفًا بالتشريعات الشفهية في اليهودية.
الباب الأول: رؤية المصادر اليهودية للشريعة الشفهية.
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: ماهية الشريعة الشفهية وأهميتها.
الفصل الثاني: كيفية نقل الشريعة الشفهية وفقًا للمصادر اليهودية.
الفصل الثالث: سلسلة رواية الشريعة الشفهية وفقًا للمصادر اليهودية.
الباب الثاني: تلقي الشريعة الشفهية في ضوء علم الإسناد.
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: شروط صحة الرواية في علم الإسناد ومدى تحققها في الرواية اليهودية.
الفصل الثاني: الشريعة الشفهية بين نظرية الإسناد والواقع الفعلي.
الفصل الثالث: الآثار المترتبة على عدم وجود منهج لتلقي الشريعة الشفهية.
الخاتمة: وتضم أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.
المصادر والمراجع.
فهرس الموضوعات.
ملحق يضم: أ. ترجمة باب فصول الآباء.
ب. ترجمة مقدمة كتاب تثنية الشريعة لموسى بن ميمون.